الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم

                                                                                                                                                                                                                                        ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ) تسلية ثانية بتهوين ما يقولونه بالنسبة إلى إنكارهم الحشر ، وفيه تقبيح بليغ لإنكاره حيث عجب منه وجعله إفراطا في الخصومة بينا ومنافاة لجحود القدرة على ما هو أهون مما عمله في بدء خلقه ، ومقابلة النعمة التي لا مزيد عليها وهي خلقه من أخس شيء وأمهنه شريفا مكرما بالعقوق والتكذيب .

                                                                                                                                                                                                                                        روي «أن أبي بن خلف أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم بال يفتته بيده وقال :

                                                                                                                                                                                                                                        أترى الله يحيي هذا بعد ما رم ، فقال عليه الصلاة والسلام : نعم ويبعثك ويدخلك النار فنزلت
                                                                                                                                                                                                                                        .

                                                                                                                                                                                                                                        وقيل معنى ( فإذا هو خصيم مبين ) فإذا هو بعد ما كان ماء مهينا مميز منطيق قادر على الخصام معرب عما في نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                        ( وضرب لنا مثلا ) أمرا عجيبا وهو نفي القدرة على إحياء الموتى ، أو تشبيهه بخلقه بوصفه بالعجز عما عجزوا عنه . ( ونسي خلقه ) خلقنا إياه . ( قال من يحيي العظام وهي رميم ) منكرا إياه مستبعدا له ، والرميم ما بلي من العظام ، ولعله فعيل بمعنى فاعل من رم الشيء صار اسما بالغلبة ولذلك لم يؤنث ، أو بمعنى مفعول من رممته . وفيه دليل على أن العظم ذو حياة فيؤثر فيه الموت كسائر الأعضاء .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية