الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1876 13 - باب استلام الأركان

                                                              119 \ 1795 - وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أن يستلم الركن [ ص: 370 ] اليماني والحجر في كل طوفة، .

                                                              قال : وكان عبد الله بن عمر يفعله .

                                                              وأخرجه النسائي . وفي إسناده عبد العزيز بن أبي رواد، وفيه مقال.

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وقد روى ابن حبان في "صحيحه" عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مسح الحجر والركن اليماني يحط الخطايا حطا .

                                                              وروى النسائي من حديث حنظلة بن أبي سفيان قال: رأيت طاوسا يمر بالركن، فإن وجد عليه زحاما مر ولم يزاحم، فإن رآه خاليا قبله ثلاثا، ثم قال: رأيت ابن عباس فعل مثل ذلك، ثم قال ابن عباس: رأيت عمر بن الخطاب فعل مثل ذلك، ثم قال عمر: إنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك، ثم قال عمر رضي الله عنه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل ذلك ، وترجم عليه النسائي: كم يقبل الحجر ؟ .

                                                              وفي النسائي عن عمر: أنه قبل الحجر الأسود والتزمه، وقال: رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك حفيا .

                                                              [ ص: 371 ] وفي النسائي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الحجر الأسود من الجنة .

                                                              وفي "صحيح أبي حاتم" عن نافع بن شيبة الحجبي قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، وهو مسند ظهره إلى الكعبة: الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، ولولا أن الله طمس نورهما، لأضاءا ما بين المشرق والمغرب .

                                                              وفي "صحيحه" أيضا عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لهذا الحجر لسانا وشفتين يشهدان لمن استلمه يوم القيامة بحق .

                                                              وفي "صحيحه" أيضا عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليبعثن الله هذا الركن يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد لمن استلمه بالحق .

                                                              وأخرج النسائي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف بالبيت على راحلته، فإذا انتهى إلى الركن أشار إليه .

                                                              [ ص: 372 ] وفي "الصحيح" عن ابن عمر: أنه سئل عن استلام الحجر ؟ فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله . رواه البخاري.

                                                              وهذا يحتمل الجمع بينهما، ويحتمل أنه رآه يفعل هذا تارة وهذا تارة.

                                                              وقد ثبت تقبيل اليد بعد استلامه: ففي "الصحيحين" أيضا عن نافع قال: رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده، ثم قبل يده، وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .

                                                              فهذه ثلاثة أنواع صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم: تقبيله، وهو أعلاها، واستلامه، وتقبيل يده، والإشارة إليه بالمحجن وتقبيله، لما رواه مسلم عن أبي الطفيل قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، ويستلم الحجر بمحجن معه، ويقبل المحجن .

                                                              وقد روى الإمام أحمد في "مسنده" عن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا عمر إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر، إن وجدت خلوة فاستلمه، وإلا فاستقبله، وهلل، وكبر .

                                                              وأما الركن اليماني، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استلمه، من رواية ابن عمر وابن عباس، وحديث ابن عمر في "الصحيحين": لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 373 ] يمس من الأركان إلا اليمانيين . وحديث ابن عباس في الترمذي.

                                                              وقد روى البخاري في "تاريخه" عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استلم الركن اليماني قبله .

                                                              وفي "صحيح الحاكم" عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الركن اليماني، ويضع خده عليه وهذا المراد به الأسود، فإنه يسمى يمانيا مع الركن الآخر، يقال لهما: اليمانيين، بدليل حديث عمر في تقبيله الحجر الأسود خاصة وقوله: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ، فلو قبل الآخر لقبله عمر. وفي النفس من حديث ابن عباس هذا شيء وهل هو محفوظ أم لا ؟.




                                                              الخدمات العلمية