الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=23563_726_26673باب تأكيد ذلك للجنب واستحباب الوضوء له لأجل الأكل والشرب والمعاودة .
279 - nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال : يا رسول الله { nindex.php?page=hadith&LINKID=8933أينام أحدنا وهو جنب ؟ قال : نعم . إذا توضأ } .
280 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9376كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة } رواهما الجماعة ) .
281 - ( nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم عنها قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9367كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ } )
قوله : ( قال : نعم إذا توضأ ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ( ليتوضأ ثم لينم ) وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : ( ليتوضأ ويرقد ) .
وفي رواية لهما ( توضأ واغسل ذكرك ثم نم ) .
وفي [ ص: 270 ] لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : ( نعم ويتوضأ ) وأحاديث الباب تدل على أنه يجوز nindex.php?page=treesubj&link=27215_24719_726للجنب أن ينام ويأكل قبل الاغتسال وكذلك يجوز له معاودة الأهل كما سيأتي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، وكذلك الشرب كما يأتي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، وهذا كله مجمع عليه ، قاله النووي .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر جاء بصيغة الأمر وجاء بصيغة الشرط وهو متمسك لمن قال بوجوب الوضوء على الجنب إذا أراد أن ينام قبل الاغتسال وهم الظاهرية وابن حبيب من المالكية ، وذهب الجمهور إلى استحبابه وعدم وجوبه . وتمسكوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الآتي في الباب الذي بعد هذا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=44306أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ولا يمس ماء } وهو غير صالح للتمسك به من وجوه . أحدها : أن فيه مقالا لا ينتهض معه للاستدلال وسنبينه في شرحه إن شاء الله تعالى . وثانيها : أن قوله ( لا يمس ماء ) ، نكرة في سياق النفي ، فتعم ماء الغسل وماء الوضوء وغيرهما ، وحديثها المذكور في الباب بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9377كان إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة } خاص بماء الوضوء فيبنى العام على الخاص ، ويكون المراد بقوله ( لا يمس ماء ) غير ماء الوضوء ، وقد صرح ابن سريج nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بأن المراد بالماء ماء الغسل .
وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21431كان يجنب من الليل ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ولا يمس ماء } . وثالثها أن تركه صلى الله عليه وسلم لمس الماء لا يعارض قوله الخاص بنا كما تقرر في الأصول فيكون الترك على تسليم شموله لماء الوضوء خاصا به . وتمسكوا أيضا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12399إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة } أخرجه أصحاب السنن . وقد استدل به أيضا على ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة وأبو عوانة في صحيحة . قال الحافظ : وقد قدح في هذا الاستدلال ابن زبيد المالكي وهو واضح . قلت : فيجب الجمع بين الأدلة بحمل الأمر على الاستحباب ، ويؤيد ذلك أنه أخرج nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحيهما من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أنه سئل النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=9084أينام أحدنا وهو جنب قال : نعم ويتوضأ إن شاء } والمراد بالوضوء هنا وضوء الصلاة لما عرفناك غير مرة أنه هو الحقيقة الشرعية وأنها مقدمة على غيرها .
وقد صرحت بذلك nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في حديث الباب المتفق عليه فهو يرد ما جنح إليه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من أن المراد بالوضوء التنظيف ، واحتج بأن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر روى هذا الحديث وهو صاحب القصة : ( كان يتوضأ وهو جنب ولا يغسل رجليه ) كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطإ عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع . ويرد أيضا بأن مخالفة الراوي لما روى لا تقدح في المروي ولا تصلح لمعارضته . وأيضا قد ورد تقييد الوضوء بوضوء الصلاة من روايته ، ومن رواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فيعتمد ذلك ، ويحمل ترك nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لغسل رجليه على أن ذلك كان لعذر . وإلى هذا ذهب الجمهور . قال الحافظ : والحكمة في الوضوء أنه يخفف الحدث ولا سيما على القول بجواز تفريق الغسل . ويؤيد ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن [ ص: 271 ] أوس الصحابي قال : ( إذا أجنب أحدكم من الليل ثم أراد أن ينام فليتوضأ فإنه نصف غسل الجنابة ) .
وقيل : الحكمة في الوضوء أنه إحدى الطهارتين ، وقيل : إنه ينشط إلى العود أو إلى الغسل .
282 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=19401رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والترمذي وصححه ) . الوضوء عند إرادة الأكل والنوم ثابت من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ومتفق عليه .
وقد تقدم في الحديث الذي قبل هذا إحدى الروايات وعزاها المصنف إلى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . وعند إرادة الشرب من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أيضا عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ولكن جميع ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم لا من قوله كما في حديث الباب وقد روي الوضوء عند الأكل من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عند nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط . والحديث يدل على أفضلية الغسل ; لأن العزيمة أفضل من الرخصة ، والخلاف في nindex.php?page=treesubj&link=23563_726_26673الوضوء لمن أراد أن ينام وهو جنب قد ذكرناه في الحديث الذي قبل هذا ، وأما من أراد أن يأكل أو يشرب فقد اتفق الناس على عدم وجوب الوضوء عليه ، وحكى ابن سيد الناس في شرح الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه واجب .
283 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9277إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ } . رواه الجماعة إلا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ) . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وزادوا : ( فإنه أنشط للعود ) وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة : ( فليتوضأ وضوءه للصلاة ) ويقال : إن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا يثبت مثله قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : ولعله لم يقف على إسناد حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، ووقف على إسناد غيره فقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر بإسنادين ضعيفين قال الحافظ : ويؤيد هذا حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس الثابت في الصحيحين { nindex.php?page=hadith&LINKID=44008أنه صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد } الحديث يدل على أن غسل الجنابة ليس على الفور وإنما يتضيق على الإنسان عند القيام إلى الصلاة .
قال النووي : وهذا بإجماع المسلمين ، ولا شك في استحبابه قبل المعاودة لما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأصحاب السنن من حديث أبي رافع : { nindex.php?page=hadith&LINKID=7755أنه صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه ذات ليلة يغتسل عند هذه وعند هذه وقيل : يا [ ص: 272 ] رسول الله ألا تجعله غسلا واحدا فقال : هذا أزكى وأطيب } وقول أبي داود : إن حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أصح منه لا ينفي صحته . وقد قال النووي : هو محمول على أنه فعل الأمرين في وقتين مختلفين . وقد ذهبت الظاهرية وابن حبيب إلى وجوب الوضوء على المعاود وتمسكوا بحديث الباب . وذهب من عداهم إلى عدم الوجوب وجعلوا ما ثبت في روايةnindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم بلفظ : ( إنه أنشط للعود ) صارفا للأمر إلى الندب . ويؤيد ذلك ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يجامع ثم يعود ولا يتوضأ ) ويؤيده أيضا الحديث المتقدم بلفظ : ( إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة ) ( فائدة ) طوافه صلى الله عليه وسلم على نسائه محمول على أنه كان برضاهن أو برضا صاحبة النوبة إن كانت نوبة واحدة ، قال النووي : وهذا التأويل يحتاج إليه من يقول : كان القسم واجبا عليه في الدوام كما يجب علينا ، وأما من لا يوجبه فلا يحتاج إلى تأويل فإن له أن يفعل ما شاء
باب جواز ترك ذلك 284 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21423كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل أو يشرب وهو جنب يغسل يديه ثم يأكل ويشرب } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ) . هو طرف من الحديث ولفظه في nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9367كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة وإذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل يديه ثم يأكل أو يشرب } وقد ذكره الحافظ في التلخيص ، وابن سيد الناس في شرح الترمذي ، ولم يتكلما عليه بما يوجب ضعفا ، وهو من سنن النسائي من طريق محمد بن عبيد بن محمد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك عن nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس عن الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فذكره nindex.php?page=showalam&ids=16996 . ومحمد بن عبيد ثقة وبقية رجال الإسناد أئمة .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة في صحيحه من حديثها أن النبي صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21423كان إذا أراد أن يطعم وهو جنب غسل يده ثم يطعم } وبه استدل من فرق بين الوضوء لإرادة النوم والوضوء لإرادة الأكل والشرب . قال الشيخ أبو العباس القرطبي : هو مذهب كثير من أهل الظاهر وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنه قال : إذا أراد الجنب أن يأكل غسل يديه ومضمض فاه .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال في الجنب : إذا أراد الأكل أنه يغسل يديه ويأكل . وعن الزهري مثله ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقال : ; لأن الأحاديث في الوضوء لمن أراد النوم ، كذا في شرح الترمذي لابن سيد الناس . وذهب الجمهور [ ص: 273 ] إلى أنه كوضوء الصلاة ، واستدلوا بما في الصحيحين من حديثها بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9367كان إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة } وبما سبق من حديث nindex.php?page=showalam&ids=56عمار . ويجمع بين الروايات بأنه كان تارة يتوضأ وضوء الصلاة وتارة يقتصر على غسل اليدين لكن هذا في الأكل والشرب خاصة ، وأما في النوم والمعاودة فهو كوضوء الصلاة لعدم المعارض للأحاديث المصرحة فيهما بأنه كوضوء الصلاة .
285 - ( وعنها أيضا قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=41313كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان له حاجة إلى أهله أتاهم ثم يعود ولا يمس ماء } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . ولأبي داود والترمذي عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب ولا يمس ماء ) . الحديث قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ليس بصحيح . وقال أبو داود : هو وهم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون : هو خطأ . وقال مهنا عن nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح : لا يحل أن يروى هذا الحديث .
وفي علل الأثرم لو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا إبراهيم وحده لكفى قال ابن مفوز : أجمع المحدثون أنه خطأ من أبي إسحاق ، قال الحافظ : وتساهل في نقل الإجماع ، فقد صححه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وقال : إن أبا إسحاق قد بين سماعه من الأسود في رواية زهير عنه . قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي في شرح الترمذي : تفسير غلط أبي إسحاق هو أن هذا الحديث رواه أبو إسحاق مختصرا واقتطعه من حديث طويل فأخطأ في اختصاره إياه . ونص الحديث الطويل ما رواه أبو غسان قال : أتيت الأسود بن يزيد وكان لي أخا وصديقا فقلت : يا أبا عمر { nindex.php?page=hadith&LINKID=34322حدثني ما حدثتك nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قالت : كان ينام أول الليل ويحيي آخره ، ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته ثم ينام قبل أن يمس ماء ، فإذا كان عند النداء الأول وثب وربما قالت : قام فأفاض عليه الماء وما قالت : اغتسل وأنا أعلم ما تريد وإن نام جنبا توضأ وضوء الرجل للصلاة }
فهذا الحديث الطويل فيه " وإن نام وهو جنب توضأ وضوء الرجل للصلاة " فهذا يدلك على أن قوله : " ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته ثم ينام قبل أن يمس ماء " يحتمل أحد وجهين إما أن يريد حاجة الإنسان من البول والغائط فيقضيهما ثم يستنجي ولا يمس ماء وينام فإن وطئ توضأ كما في آخر الحديث ، ويحتمل أن يريد بالحاجة حاجة الوطء وبقوله " ثم ينام ولا يمس ماء " يعني ماء الاغتسال ، ومتى لم يحمل الحديث على أحد هذين الوجهين تناقض أوله وآخره فتوهم أبو إسحاق أن الحاجة حاجة الوطء فنقل الحديث على معنى ما فهمه انتهى .
والحديث يدل على عدم وجوب الوضوء على الجنب إذا أراد النوم أو المعاودة وقد تقدم في الباب الأول أنه غير [ ص: 274 ] صالح للاستدلال به على ذلك لوجوه ذكرناها هنالك . قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه الله تعالى: وهذا لا يناقض ما قبله بل يحمل على أنه كان يترك الوضوء أحيانا لبيان الجواز ويفعله غالبا لطلب الفضيلة انتهى . وبهذا جمع nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة والنووي
قوله : ( قال : نعم إذا توضأ ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ( ليتوضأ ثم لينم ) وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : ( ليتوضأ ويرقد ) .
وفي رواية لهما ( توضأ واغسل ذكرك ثم نم ) .
وفي [ ص: 270 ] لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : ( نعم ويتوضأ ) وأحاديث الباب تدل على أنه يجوز nindex.php?page=treesubj&link=27215_24719_726للجنب أن ينام ويأكل قبل الاغتسال وكذلك يجوز له معاودة الأهل كما سيأتي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، وكذلك الشرب كما يأتي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، وهذا كله مجمع عليه ، قاله النووي .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر جاء بصيغة الأمر وجاء بصيغة الشرط وهو متمسك لمن قال بوجوب الوضوء على الجنب إذا أراد أن ينام قبل الاغتسال وهم الظاهرية وابن حبيب من المالكية ، وذهب الجمهور إلى استحبابه وعدم وجوبه . وتمسكوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الآتي في الباب الذي بعد هذا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=44306أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ولا يمس ماء } وهو غير صالح للتمسك به من وجوه . أحدها : أن فيه مقالا لا ينتهض معه للاستدلال وسنبينه في شرحه إن شاء الله تعالى . وثانيها : أن قوله ( لا يمس ماء ) ، نكرة في سياق النفي ، فتعم ماء الغسل وماء الوضوء وغيرهما ، وحديثها المذكور في الباب بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9377كان إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة } خاص بماء الوضوء فيبنى العام على الخاص ، ويكون المراد بقوله ( لا يمس ماء ) غير ماء الوضوء ، وقد صرح ابن سريج nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بأن المراد بالماء ماء الغسل .
وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21431كان يجنب من الليل ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ولا يمس ماء } . وثالثها أن تركه صلى الله عليه وسلم لمس الماء لا يعارض قوله الخاص بنا كما تقرر في الأصول فيكون الترك على تسليم شموله لماء الوضوء خاصا به . وتمسكوا أيضا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12399إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة } أخرجه أصحاب السنن . وقد استدل به أيضا على ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة وأبو عوانة في صحيحة . قال الحافظ : وقد قدح في هذا الاستدلال ابن زبيد المالكي وهو واضح . قلت : فيجب الجمع بين الأدلة بحمل الأمر على الاستحباب ، ويؤيد ذلك أنه أخرج nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحيهما من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أنه سئل النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=9084أينام أحدنا وهو جنب قال : نعم ويتوضأ إن شاء } والمراد بالوضوء هنا وضوء الصلاة لما عرفناك غير مرة أنه هو الحقيقة الشرعية وأنها مقدمة على غيرها .
وقد صرحت بذلك nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في حديث الباب المتفق عليه فهو يرد ما جنح إليه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من أن المراد بالوضوء التنظيف ، واحتج بأن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر روى هذا الحديث وهو صاحب القصة : ( كان يتوضأ وهو جنب ولا يغسل رجليه ) كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطإ عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع . ويرد أيضا بأن مخالفة الراوي لما روى لا تقدح في المروي ولا تصلح لمعارضته . وأيضا قد ورد تقييد الوضوء بوضوء الصلاة من روايته ، ومن رواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فيعتمد ذلك ، ويحمل ترك nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لغسل رجليه على أن ذلك كان لعذر . وإلى هذا ذهب الجمهور . قال الحافظ : والحكمة في الوضوء أنه يخفف الحدث ولا سيما على القول بجواز تفريق الغسل . ويؤيد ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن [ ص: 271 ] أوس الصحابي قال : ( إذا أجنب أحدكم من الليل ثم أراد أن ينام فليتوضأ فإنه نصف غسل الجنابة ) .
وقيل : الحكمة في الوضوء أنه إحدى الطهارتين ، وقيل : إنه ينشط إلى العود أو إلى الغسل .
282 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=19401رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والترمذي وصححه ) . الوضوء عند إرادة الأكل والنوم ثابت من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ومتفق عليه .
وقد تقدم في الحديث الذي قبل هذا إحدى الروايات وعزاها المصنف إلى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . وعند إرادة الشرب من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أيضا عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ولكن جميع ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم لا من قوله كما في حديث الباب وقد روي الوضوء عند الأكل من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عند nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط . والحديث يدل على أفضلية الغسل ; لأن العزيمة أفضل من الرخصة ، والخلاف في nindex.php?page=treesubj&link=23563_726_26673الوضوء لمن أراد أن ينام وهو جنب قد ذكرناه في الحديث الذي قبل هذا ، وأما من أراد أن يأكل أو يشرب فقد اتفق الناس على عدم وجوب الوضوء عليه ، وحكى ابن سيد الناس في شرح الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه واجب .
283 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9277إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ } . رواه الجماعة إلا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ) . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وزادوا : ( فإنه أنشط للعود ) وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة : ( فليتوضأ وضوءه للصلاة ) ويقال : إن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا يثبت مثله قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : ولعله لم يقف على إسناد حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، ووقف على إسناد غيره فقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر بإسنادين ضعيفين قال الحافظ : ويؤيد هذا حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس الثابت في الصحيحين { nindex.php?page=hadith&LINKID=44008أنه صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد } الحديث يدل على أن غسل الجنابة ليس على الفور وإنما يتضيق على الإنسان عند القيام إلى الصلاة .
قال النووي : وهذا بإجماع المسلمين ، ولا شك في استحبابه قبل المعاودة لما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأصحاب السنن من حديث أبي رافع : { nindex.php?page=hadith&LINKID=7755أنه صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه ذات ليلة يغتسل عند هذه وعند هذه وقيل : يا [ ص: 272 ] رسول الله ألا تجعله غسلا واحدا فقال : هذا أزكى وأطيب } وقول أبي داود : إن حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أصح منه لا ينفي صحته . وقد قال النووي : هو محمول على أنه فعل الأمرين في وقتين مختلفين . وقد ذهبت الظاهرية وابن حبيب إلى وجوب الوضوء على المعاود وتمسكوا بحديث الباب . وذهب من عداهم إلى عدم الوجوب وجعلوا ما ثبت في روايةnindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم بلفظ : ( إنه أنشط للعود ) صارفا للأمر إلى الندب . ويؤيد ذلك ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يجامع ثم يعود ولا يتوضأ ) ويؤيده أيضا الحديث المتقدم بلفظ : ( إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة ) ( فائدة ) طوافه صلى الله عليه وسلم على نسائه محمول على أنه كان برضاهن أو برضا صاحبة النوبة إن كانت نوبة واحدة ، قال النووي : وهذا التأويل يحتاج إليه من يقول : كان القسم واجبا عليه في الدوام كما يجب علينا ، وأما من لا يوجبه فلا يحتاج إلى تأويل فإن له أن يفعل ما شاء
باب جواز ترك ذلك 284 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21423كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل أو يشرب وهو جنب يغسل يديه ثم يأكل ويشرب } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ) . هو طرف من الحديث ولفظه في nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9367كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة وإذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل يديه ثم يأكل أو يشرب } وقد ذكره الحافظ في التلخيص ، وابن سيد الناس في شرح الترمذي ، ولم يتكلما عليه بما يوجب ضعفا ، وهو من سنن النسائي من طريق محمد بن عبيد بن محمد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك عن nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس عن الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فذكره nindex.php?page=showalam&ids=16996 . ومحمد بن عبيد ثقة وبقية رجال الإسناد أئمة .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة في صحيحه من حديثها أن النبي صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21423كان إذا أراد أن يطعم وهو جنب غسل يده ثم يطعم } وبه استدل من فرق بين الوضوء لإرادة النوم والوضوء لإرادة الأكل والشرب . قال الشيخ أبو العباس القرطبي : هو مذهب كثير من أهل الظاهر وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنه قال : إذا أراد الجنب أن يأكل غسل يديه ومضمض فاه .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال في الجنب : إذا أراد الأكل أنه يغسل يديه ويأكل . وعن الزهري مثله ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقال : ; لأن الأحاديث في الوضوء لمن أراد النوم ، كذا في شرح الترمذي لابن سيد الناس . وذهب الجمهور [ ص: 273 ] إلى أنه كوضوء الصلاة ، واستدلوا بما في الصحيحين من حديثها بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9367كان إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة } وبما سبق من حديث nindex.php?page=showalam&ids=56عمار . ويجمع بين الروايات بأنه كان تارة يتوضأ وضوء الصلاة وتارة يقتصر على غسل اليدين لكن هذا في الأكل والشرب خاصة ، وأما في النوم والمعاودة فهو كوضوء الصلاة لعدم المعارض للأحاديث المصرحة فيهما بأنه كوضوء الصلاة .
285 - ( وعنها أيضا قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=41313كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان له حاجة إلى أهله أتاهم ثم يعود ولا يمس ماء } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . ولأبي داود والترمذي عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب ولا يمس ماء ) . الحديث قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ليس بصحيح . وقال أبو داود : هو وهم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون : هو خطأ . وقال مهنا عن nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح : لا يحل أن يروى هذا الحديث .
وفي علل الأثرم لو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا إبراهيم وحده لكفى قال ابن مفوز : أجمع المحدثون أنه خطأ من أبي إسحاق ، قال الحافظ : وتساهل في نقل الإجماع ، فقد صححه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وقال : إن أبا إسحاق قد بين سماعه من الأسود في رواية زهير عنه . قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي في شرح الترمذي : تفسير غلط أبي إسحاق هو أن هذا الحديث رواه أبو إسحاق مختصرا واقتطعه من حديث طويل فأخطأ في اختصاره إياه . ونص الحديث الطويل ما رواه أبو غسان قال : أتيت الأسود بن يزيد وكان لي أخا وصديقا فقلت : يا أبا عمر { nindex.php?page=hadith&LINKID=34322حدثني ما حدثتك nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قالت : كان ينام أول الليل ويحيي آخره ، ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته ثم ينام قبل أن يمس ماء ، فإذا كان عند النداء الأول وثب وربما قالت : قام فأفاض عليه الماء وما قالت : اغتسل وأنا أعلم ما تريد وإن نام جنبا توضأ وضوء الرجل للصلاة }
فهذا الحديث الطويل فيه " وإن نام وهو جنب توضأ وضوء الرجل للصلاة " فهذا يدلك على أن قوله : " ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته ثم ينام قبل أن يمس ماء " يحتمل أحد وجهين إما أن يريد حاجة الإنسان من البول والغائط فيقضيهما ثم يستنجي ولا يمس ماء وينام فإن وطئ توضأ كما في آخر الحديث ، ويحتمل أن يريد بالحاجة حاجة الوطء وبقوله " ثم ينام ولا يمس ماء " يعني ماء الاغتسال ، ومتى لم يحمل الحديث على أحد هذين الوجهين تناقض أوله وآخره فتوهم أبو إسحاق أن الحاجة حاجة الوطء فنقل الحديث على معنى ما فهمه انتهى .
والحديث يدل على عدم وجوب الوضوء على الجنب إذا أراد النوم أو المعاودة وقد تقدم في الباب الأول أنه غير [ ص: 274 ] صالح للاستدلال به على ذلك لوجوه ذكرناها هنالك . قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه الله تعالى: وهذا لا يناقض ما قبله بل يحمل على أنه كان يترك الوضوء أحيانا لبيان الجواز ويفعله غالبا لطلب الفضيلة انتهى . وبهذا جمع nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة والنووي