1268 [ ص: 213 ] ( 35 ) باب ما جاء في الإحداد
1228 - مالك ، عن ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم حميد بن نافع ، ; أنها أخبرته هذه الأحاديث الثلاثة . قالت زينب بنت أبي سلمة زينب : دخلت على - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبوها أم حبيبة ، زوج النبي ، فدعت أبو سفيان بن حرب أم حبيبة بطيب فيه صفرة [ ص: 214 ] خلوق أو غيره فدهنت به جارية ، ثم مسحت بعارضيها ، ثم قالت : والله ، ما لي بالطيب من حاجة . غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقول : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " .
1229 - قالت زينب : ثم دخلت على - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أخوها ، فدعت بطيب فمست منه . ثم قالت : والله ما لي بالطيب حاجة . غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث ليال ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " . زينب بنت جحش ، زوج النبي
1230 - قالت زينب : وسمعت أمي ، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول : جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله . إن ابنتي توفي عنها زوجها . وقد اشتكت عينيها أفتكحلهما ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا " مرتين أو ثلاثا . كل ذلك يقول : " لا " ثم قال : " إنما هي : أربعة أشهر وعشرا ، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول " . أم سلمة
قال حميد بن نافع : فقلت لزينب : وما ترمي بالبعرة على رأس الحول ؟ فقالت زينب : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها ، دخلت حفشا ولبست شر ثيابها ، ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر بها سنة . ثم تؤتى بدابة ، حمار أو شاة أو طير ، فتفتض به . فقلما تفتض بشيء إلا مات . ثم تخرج . [ ص: 215 ] فتعطى بعرة فترمي بها . ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره ، قال مالك : والحفش البيت الرديء . وتفتض تسمح به جلدها كالنشرة . عن
- حديث لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث
- حديث عائشة وحفصة لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث
- قول أم سلمة لامرأة حاد على زوجها اشتكت عينيها اكتحلي بكحل الجلاء بالليل
- قول النبي لأم سلمة اجعليه في الليل وامسحيه بالنهار
- المرأة المتوفى عنها زوجها إذا خشيت على بصرها من رمد
- صفية بنت أبي عبيد اشتكت عينيها وهي حاد على زوجها ابن عمر فلم تكتحل
- قول أم سلمة تجمع الحاد رأسها بالسدر والزيت
التالي
السابق
[ ص: 216 ] 27564 - قال أبو عمر : حميد بن نافع قد سمع منه شعبة هذا الحديث ، ولم يسمعه منه مالك ، ولا ، وهما يرويانه عن الثوري ، عنه . عبد الله بن أبي بكر
27565 - حدثني عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال : حدثني ، قالا : حدثني أحمد بن زهير ، قال : حدثني أحمد بن حنبل ، قال : قال حجاج بن محمد شعبة : سألت عاصما الأحول عن المرأة تحد ؟ فقال : قالت : [ ص: 217 ] كتب حفصة بنت سيرين حميد بن نافع إلى : أن حميد الحميري أخبرته ، فذكر الحديث . زينب بنت أم سلمة
قال شعبة : قد سمعته أنا من حميد بن نافع ، قال : أنت ؟ قلت : نعم ، وهو ذاك حي .
قال شعبة : وكان عاصم يرى أنه قد مات منذ مائة سنة .
27566 - وقد ذكرنا رواية شعبة لهذا الحديث عن حميد بن نافع ، قال : أنت ؟ قلت : نعم ، ومن طرق .
27567 - أما : فترك المرأة للزينة كلها من اللباس ، والطيب ، الحلي [ ص: 218 ] والكحل ، وما تتزين به النساء ما دمن في عدتهن ، يقال لها حينئذ : امرأة حاد ، ومحد ; لأنه يقال : أحدت المرأة ، وحدت تحد ، فهي حاد ، ومحد . الإحداد
27568 - فالعدة واجبة في القرآن ، بالسنة المجتمع عليها . والإحداد واجب
27569 - وقد شذ الحسن وحده ، فهو محجوج بها .
27570 - ومعنى إحداد المتوفى عنهن أزواجهن من النساء : ترك الزينة الراغبة إلى الأزواج ، وذلك لباس الثوب المصبوغ للزينة ، ولباس الرقيق المستحسن [ ص: 219 ] من الكتان والقطن ، ولا تلبس خزا ، ولا حريرا ، ولا شيئا من الحلي ، ولا تمس أحدا من طيب .
27571 - وجائز لهن ، وتلبس البياض كله ، والسواد الذي ليس بزينة ، ويبتن في بيوتهن على ما تقدم ذكره . لباس الغليظ الخشن من ثياب الكتان والقطن
27572 - ولا بأس أن تدهن من . الأدهان بما ليس بطيب
27573 - واختلف الفقهاء . فيمن يلزمها الإحداد من النساء على أزواجهن
27574 - فقال مالك : الإحداد على المسلمة والكافرة والصغيرة والكبيرة .
27575 - وهو قول أصحابه ، إلا ابن نافع ، وأشهب ، فإنهما قالا : لا إحداد على الكتابية .
27576 - وقال والليث ، الحسن بن حي ، كقول وأبو ثور مالك : الإحداد على الصغيرة ، والكافرة ، كهو على المسلمة الكبيرة جعلوه من حق الزوج ، وحفظ النسب كالعدة ، وقالوا : تدخل الصغيرة ، والكافرة في الإحداد ، فالمعنى كما دخلت المسلمة الكبيرة بالنص ، وكما دخل الكافر في أنه لا يجوز أن يسام على سومه ، وإنما في الحديث : " " . لا يبع أحدكم على بيع أخيه " و " لا [ ص: 220 ] يسم على سوم أخيه
27577 - وكما يقال : هذا طريق المسلمين ، وقد سلكه غيرهم .
27578 - وقال أبو حنيفة : ليس على الصغيرة ، ولا الكافرة ، ولا على الأمة المسلمة الإحداد ، كهو على الحرة بالعدة .
27579 - وقال : الأمة عليها ما على الحرة من ترك الزينة ، وغيرها إلا الخروج . الثوري
27580 - وقال : الحرة والأمة في الخروج وغيره سواء عليهما الإحداد ، وكذلك الصغيرة . أحمد بن حنبل
27581 - وهو قول ، أبي ثور وأبي عبيد أيضا في الصغيرة .
27582 - قال أبو عمر : حجة من قال لا إحداد إلا على مسلمة مطلقة ، قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر " ، فعلم أنها عبادة ، فهو للحرة والأمة دون الكافرة والصغيرة .
27583 - والحجة عليه ما وصفنا مما ندعو به من الحديث أن الخطاب فيه توجه إلى المؤمنات ، ودخلت الذمية في ذلك بحق الزوجية ; لأنها في النفقة [ ص: 221 ] والسكنى والعدة كالمسلمة ، وكذلك تكون في الإحداد .
27584 - وقال أشهب : لا إحداد على الكتابية ، ورواه عن مالك ، وخالفه الأكثر من أصحاب مالك في ذلك .
27585 - وقال مالك ، وأصحابه : الإحداد على كل زوجة متوفى عنها : حرة أو مملوكة ، أو مسلمة أو ذمية ، أو صغيرة ، أو كبيرة ، والمكاتبة ، والمدبرة إلا ما ذكرنا عن ابن نافع ، وأشهب .
27586 - ورواية أشهب في ذلك عن مالك ، فقال مالك : تحد في عدتها . امرأة المفقود
27587 - وقال : لا إحداد عليها . ابن الماجشون
27588 - وأجمع مالك وأصحابه أن لا إحداد على المطلقة .
27589 - وهو قول ربيعة ، وعطاء .
27590 - والحجة لهم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " " . لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت إلا على زوج
[ ص: 222 ] 27591 - فأخبر أن الإحداد هو على المتوفى ، والمطلق حي ، فلا إحداد على امرأته .
27592 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه ، ، والثوري : والحسن بن حي واجب ، وهي والمتوفى عنها في ذلك سواء ; لأنهما جميعا في عدة يحفظ بها النسب . الإحداد على المطلقة
27593 - وهو قول ، سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار . وابن سيرين
27594 - أوكد وأشد على المتوفى عنها زوجها . والحكم بن عيينة
27595 - وبه قال ، أبو ثور وأبو عبيد .
27596 - وقال : أحب للمطلقة المبتوتة : الإحداد ، وأن لا يتبين لي أن أوجبه عليها . الشافعي
27597 - قال أبو عمر : ليس في الحديث إلا قوله : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت " ، وليس فيه : لا تحل لها أن تحد على حي .
27598 - قال أبو عمر : وأما قوله : ودخلت حفشا ، فقد فسره مالك : والحفش أنه البيت الرديء .
[ ص: 223 ] 27599 - وقال ابن وهب عن مالك : الحفش : البيت الصغير .
27600 - وكذلك قال الخليل .
27601 - وقال أبو عبيد : الحفش : الدرج وجمعه أحفاش ، شبه بها البيت الصغير .
27602 - وأما قوله : تفتض به ، فقد قال مالك : تمسح به كالنشرة .
27603 - وقال غيره : تمسح بيديها عليه أو على ظهره .
27604 - وقاله ابن وهب .
27605 - وقال غيره : الافتضاض : الاغتسال بالماء العذب ; لأن الماء العذب أشد في الإنقاء من غيره بدليل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " " . أرأيت لو كان بباب أحدكم نهر غمر عذب يقتحم فيه كل يوم خمس مرات ، ما ترون ذلك ، يبقى من درنه - أي من وسخه ؟
27606 - وقال الخليل : الفضض ماء عذب ، يقول : افتضضت به إذا اغتسلت به ، فالمعنى أن المرأة تتمسح بشيء كالنشرة ، ثم تغتسل بعد فتستسقي وتستنظف بالماء العذب حتى تصير كالفضة ، ثم تؤتى ببعرة من بعر الغنم ، فترمي بها من وراء ظهرها ، ويكون ذلك إحلالا لها بعد السنة .
27607 - وقال أبو عبيد في هذا الحديث : من رواية شعبة ، عن حميد بن [ ص: 224 ] نافع ، وفيه : ؟ ! قد كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها في بيتها إلى الحول ، فإذا كان الحول ، ومر كلب رمته ببعرة ، ثم خرجت ، فلا أربعة أشهر وعشرا
27608 - قال : والأحلاس : جمع حلس ، فهو كالمسح من الشعر مما يلي ظهر البعير ، فكانت ترمي الكلب بالبعرة بعد اعتدادها على زوجها عاما كاملا .
27609 - وإلى هذا المعنى أشار لبيد في قوله : وهم ربيع للمجاور فيهم والمرملات إذا تطاول عامها .
27610 - ونزل القرآن بذلك ، فقال - عز وجل - : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج الآية [ البقرة : 240 ] [ ص: 225 ] ثم نسخ ذلك بقوله : يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا [ البقرة : 234 ] .
27611 - وهذا من الناسخ والمنسوخ الذي لم يختلف علماء الأمة فيه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ؟ " . وكيف لا تصبر إحداكن أربعة أشهر وعشرا ، وقد كانت في الجاهلية تصبر حولا
27612 - قال أبو عمر : في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " " بيان واضح في أن الحول في عدة المتوفى عنها منسوخ بالأربعة الأشهر والعشر . إنما هي أربعة أشهر وعشر ، وقد كانت إحداكن في الجاهلية تمكث حولا
27613 - وهذا مع وضوحه في السنة الثابتة المنقولة بأخبار الآحاد العدول إجماع من علماء المسلمين ، لا خلاف فيه .
27614 - وهذا عندهم من المنسوخ في المجتمع عليه في أن الحول في عدة المتوفى عنها منسوخ إلى أربعة الأشهر والعشر .
27615 - وكذلك سائر الآية ، قوله - عز وجل - : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج منسوخ كله عند جمهور العلماء في نسخ الوصية بالسكنى للزوجات في الحول إلا رواية شاذة مهجورة جاءت عن ، عن ابن أبي نجيح مجاهد ، لم يتابع عليها ، [ ص: 226 ] ولا قال بها - فيما زاد على الأربعة الأشهر والعشر أحد من علماء المسلمين من الصحابة ، والتابعين ، ومن بعدهم من العلماء الخالفين فيما علمت . ابن أبي نجيح
27616 - وأما سكنى المتوفى عنها زوجها في الأربعة الأشهر والعشر ، فقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك في باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها من هذا الكتاب ، والحمد لله .
27617 - وقد روى ، عن ابن جريج مجاهد في ذلك مثل ما عليه الناس .
27618 - وانعقد الإجماع ، وارتفع الخلاف .
27619 - حدثني أحمد بن عبد الله قال : حدثني الحسن بن إسماعيل ، قال : حدثني عبد الله بن بحر ، قال : حدثني ، قال : حدثني محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثني سنيد حجاج ، عن ، قال : سألت ابن جريج عطاء عن قوله - عز وجل - : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج [ البقرة : 240 ] .
قال : كان ميراث المرأة من زوجها من ربعه أن تسكن إن شاءت من يوم يموت زوجها إلى الحول ، ثم نسخها ما جعل الله لها من الميراث .
[ ص: 227 ] 27620 - قال : وقال ابن جريج مجاهد : وصية لأزواجهم سكنى الحول ، ثم نسخ .
27621 - وبه عن ، قال : حدثني سنيد ، عن وكيع شعبة ، عن حميد ، عن نافع ، عن ، قالت : زينب بنت أبي سلمة " . توفي زوج امرأة ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد اشتكت عينيها تسأله عن الكحل ، فقال لها : " قد كانت إحداكن في الجاهلية في شر أحلاسها إذا توفي زوجها مكثت في بيتها حولا ، وإذا مر بها الكلب رمته بالبعرة ، أفلا أربعة أشهر وعشرا ؟ !
27622 - حدثني عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ، قال : حدثني ، قال : حدثني أحمد بن سلمان النجاد قال : حدثني أبو داود سليمان بن الأشعث سليمان الأسود العجلي ، قال : حدثني ، قال : حدثني يحيى بن آدم أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة في قوله - عز وجل - : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج [ البقرة : 240 ] ، نسختها أربعة أشهر وعشر .
قال : قلنا لسماك عن ؟ قال : قال ابن عباس عكرمة : كل شيء أحدثكم به في القرآن فهو عن . ابن عباس
27623 - وحدثني عبد الله ، قال أحمد ، قال : حدثني أبو داود ، قال : [ ص: 228 ] حدثني أحمد بن محمد ، قال : حدثني ، عن أبيه ، عن علي بن حسين بن واقد يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ، قال : ابن عباس والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ، ونسخ الوصية للزوجات بآية المواريث ; لما فرض الله لها من الربع ، أو الثمن ، ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرا .
27624 - هذا حديث ثابت صحيح عن ، وعليه جماعة الناس . ابن عباس
27625 - قال : حدثني أحمد بن محمد ، قال : حدثني ، قال : حدثني أحمد بن سليمان أبو داود ، قال : حدثني ، قال : أخبرنا أحمد بن كثير همام ، قال : سمعت قتادة يقول في تفسير ( وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ) قال : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها كان لها السكنى والنفقة حولا كاملا من مال زوجها ما لم تخرج ، ثم نسخ ذلك ، فجعل عدتها أربعة أشهر وعشرا ، ونسخ النفقة في الحول ، كما جعل الله لها من الثمن أو الربع ميراثا .
27626 - قال أبو عمر : أما الحول ، فمنسوخ بالأربعة الأشهر والعشر ، لا خلاف في ذلك .
[ ص: 229 ] 27627 - وأما الوصية بالسكنى ، والنفقة فمن أهل العلم من رأى أنها منسوخة بالميراث ، وهم أكثر أهل الحجاز .
27628 - وأما أهل العراق ، فذلك منسوخ عندهم بالسنة بأن لا وصية لوارث ، وما في الوجهين كان النسخ ، فهو إجماع على ما رواه عن ابن أبي نجيح مجاهد ، وأنه منكر من القول ، لا يلتفت إليه ، وقد ذكره ، وبالله التوفيق . البخاري
27565 - حدثني عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال : حدثني ، قالا : حدثني أحمد بن زهير ، قال : حدثني أحمد بن حنبل ، قال : قال حجاج بن محمد شعبة : سألت عاصما الأحول عن المرأة تحد ؟ فقال : قالت : [ ص: 217 ] كتب حفصة بنت سيرين حميد بن نافع إلى : أن حميد الحميري أخبرته ، فذكر الحديث . زينب بنت أم سلمة
قال شعبة : قد سمعته أنا من حميد بن نافع ، قال : أنت ؟ قلت : نعم ، وهو ذاك حي .
قال شعبة : وكان عاصم يرى أنه قد مات منذ مائة سنة .
27566 - وقد ذكرنا رواية شعبة لهذا الحديث عن حميد بن نافع ، قال : أنت ؟ قلت : نعم ، ومن طرق .
27567 - أما : فترك المرأة للزينة كلها من اللباس ، والطيب ، الحلي [ ص: 218 ] والكحل ، وما تتزين به النساء ما دمن في عدتهن ، يقال لها حينئذ : امرأة حاد ، ومحد ; لأنه يقال : أحدت المرأة ، وحدت تحد ، فهي حاد ، ومحد . الإحداد
27568 - فالعدة واجبة في القرآن ، بالسنة المجتمع عليها . والإحداد واجب
27569 - وقد شذ الحسن وحده ، فهو محجوج بها .
27570 - ومعنى إحداد المتوفى عنهن أزواجهن من النساء : ترك الزينة الراغبة إلى الأزواج ، وذلك لباس الثوب المصبوغ للزينة ، ولباس الرقيق المستحسن [ ص: 219 ] من الكتان والقطن ، ولا تلبس خزا ، ولا حريرا ، ولا شيئا من الحلي ، ولا تمس أحدا من طيب .
27571 - وجائز لهن ، وتلبس البياض كله ، والسواد الذي ليس بزينة ، ويبتن في بيوتهن على ما تقدم ذكره . لباس الغليظ الخشن من ثياب الكتان والقطن
27572 - ولا بأس أن تدهن من . الأدهان بما ليس بطيب
27573 - واختلف الفقهاء . فيمن يلزمها الإحداد من النساء على أزواجهن
27574 - فقال مالك : الإحداد على المسلمة والكافرة والصغيرة والكبيرة .
27575 - وهو قول أصحابه ، إلا ابن نافع ، وأشهب ، فإنهما قالا : لا إحداد على الكتابية .
27576 - وقال والليث ، الحسن بن حي ، كقول وأبو ثور مالك : الإحداد على الصغيرة ، والكافرة ، كهو على المسلمة الكبيرة جعلوه من حق الزوج ، وحفظ النسب كالعدة ، وقالوا : تدخل الصغيرة ، والكافرة في الإحداد ، فالمعنى كما دخلت المسلمة الكبيرة بالنص ، وكما دخل الكافر في أنه لا يجوز أن يسام على سومه ، وإنما في الحديث : " " . لا يبع أحدكم على بيع أخيه " و " لا [ ص: 220 ] يسم على سوم أخيه
27577 - وكما يقال : هذا طريق المسلمين ، وقد سلكه غيرهم .
27578 - وقال أبو حنيفة : ليس على الصغيرة ، ولا الكافرة ، ولا على الأمة المسلمة الإحداد ، كهو على الحرة بالعدة .
27579 - وقال : الأمة عليها ما على الحرة من ترك الزينة ، وغيرها إلا الخروج . الثوري
27580 - وقال : الحرة والأمة في الخروج وغيره سواء عليهما الإحداد ، وكذلك الصغيرة . أحمد بن حنبل
27581 - وهو قول ، أبي ثور وأبي عبيد أيضا في الصغيرة .
27582 - قال أبو عمر : حجة من قال لا إحداد إلا على مسلمة مطلقة ، قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر " ، فعلم أنها عبادة ، فهو للحرة والأمة دون الكافرة والصغيرة .
27583 - والحجة عليه ما وصفنا مما ندعو به من الحديث أن الخطاب فيه توجه إلى المؤمنات ، ودخلت الذمية في ذلك بحق الزوجية ; لأنها في النفقة [ ص: 221 ] والسكنى والعدة كالمسلمة ، وكذلك تكون في الإحداد .
27584 - وقال أشهب : لا إحداد على الكتابية ، ورواه عن مالك ، وخالفه الأكثر من أصحاب مالك في ذلك .
27585 - وقال مالك ، وأصحابه : الإحداد على كل زوجة متوفى عنها : حرة أو مملوكة ، أو مسلمة أو ذمية ، أو صغيرة ، أو كبيرة ، والمكاتبة ، والمدبرة إلا ما ذكرنا عن ابن نافع ، وأشهب .
27586 - ورواية أشهب في ذلك عن مالك ، فقال مالك : تحد في عدتها . امرأة المفقود
27587 - وقال : لا إحداد عليها . ابن الماجشون
27588 - وأجمع مالك وأصحابه أن لا إحداد على المطلقة .
27589 - وهو قول ربيعة ، وعطاء .
27590 - والحجة لهم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " " . لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت إلا على زوج
[ ص: 222 ] 27591 - فأخبر أن الإحداد هو على المتوفى ، والمطلق حي ، فلا إحداد على امرأته .
27592 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه ، ، والثوري : والحسن بن حي واجب ، وهي والمتوفى عنها في ذلك سواء ; لأنهما جميعا في عدة يحفظ بها النسب . الإحداد على المطلقة
27593 - وهو قول ، سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار . وابن سيرين
27594 - أوكد وأشد على المتوفى عنها زوجها . والحكم بن عيينة
27595 - وبه قال ، أبو ثور وأبو عبيد .
27596 - وقال : أحب للمطلقة المبتوتة : الإحداد ، وأن لا يتبين لي أن أوجبه عليها . الشافعي
27597 - قال أبو عمر : ليس في الحديث إلا قوله : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت " ، وليس فيه : لا تحل لها أن تحد على حي .
27598 - قال أبو عمر : وأما قوله : ودخلت حفشا ، فقد فسره مالك : والحفش أنه البيت الرديء .
[ ص: 223 ] 27599 - وقال ابن وهب عن مالك : الحفش : البيت الصغير .
27600 - وكذلك قال الخليل .
27601 - وقال أبو عبيد : الحفش : الدرج وجمعه أحفاش ، شبه بها البيت الصغير .
27602 - وأما قوله : تفتض به ، فقد قال مالك : تمسح به كالنشرة .
27603 - وقال غيره : تمسح بيديها عليه أو على ظهره .
27604 - وقاله ابن وهب .
27605 - وقال غيره : الافتضاض : الاغتسال بالماء العذب ; لأن الماء العذب أشد في الإنقاء من غيره بدليل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " " . أرأيت لو كان بباب أحدكم نهر غمر عذب يقتحم فيه كل يوم خمس مرات ، ما ترون ذلك ، يبقى من درنه - أي من وسخه ؟
27606 - وقال الخليل : الفضض ماء عذب ، يقول : افتضضت به إذا اغتسلت به ، فالمعنى أن المرأة تتمسح بشيء كالنشرة ، ثم تغتسل بعد فتستسقي وتستنظف بالماء العذب حتى تصير كالفضة ، ثم تؤتى ببعرة من بعر الغنم ، فترمي بها من وراء ظهرها ، ويكون ذلك إحلالا لها بعد السنة .
27607 - وقال أبو عبيد في هذا الحديث : من رواية شعبة ، عن حميد بن [ ص: 224 ] نافع ، وفيه : ؟ ! قد كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها في بيتها إلى الحول ، فإذا كان الحول ، ومر كلب رمته ببعرة ، ثم خرجت ، فلا أربعة أشهر وعشرا
27608 - قال : والأحلاس : جمع حلس ، فهو كالمسح من الشعر مما يلي ظهر البعير ، فكانت ترمي الكلب بالبعرة بعد اعتدادها على زوجها عاما كاملا .
27609 - وإلى هذا المعنى أشار لبيد في قوله : وهم ربيع للمجاور فيهم والمرملات إذا تطاول عامها .
27610 - ونزل القرآن بذلك ، فقال - عز وجل - : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج الآية [ البقرة : 240 ] [ ص: 225 ] ثم نسخ ذلك بقوله : يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا [ البقرة : 234 ] .
27611 - وهذا من الناسخ والمنسوخ الذي لم يختلف علماء الأمة فيه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ؟ " . وكيف لا تصبر إحداكن أربعة أشهر وعشرا ، وقد كانت في الجاهلية تصبر حولا
27612 - قال أبو عمر : في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " " بيان واضح في أن الحول في عدة المتوفى عنها منسوخ بالأربعة الأشهر والعشر . إنما هي أربعة أشهر وعشر ، وقد كانت إحداكن في الجاهلية تمكث حولا
27613 - وهذا مع وضوحه في السنة الثابتة المنقولة بأخبار الآحاد العدول إجماع من علماء المسلمين ، لا خلاف فيه .
27614 - وهذا عندهم من المنسوخ في المجتمع عليه في أن الحول في عدة المتوفى عنها منسوخ إلى أربعة الأشهر والعشر .
27615 - وكذلك سائر الآية ، قوله - عز وجل - : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج منسوخ كله عند جمهور العلماء في نسخ الوصية بالسكنى للزوجات في الحول إلا رواية شاذة مهجورة جاءت عن ، عن ابن أبي نجيح مجاهد ، لم يتابع عليها ، [ ص: 226 ] ولا قال بها - فيما زاد على الأربعة الأشهر والعشر أحد من علماء المسلمين من الصحابة ، والتابعين ، ومن بعدهم من العلماء الخالفين فيما علمت . ابن أبي نجيح
27616 - وأما سكنى المتوفى عنها زوجها في الأربعة الأشهر والعشر ، فقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك في باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها من هذا الكتاب ، والحمد لله .
27617 - وقد روى ، عن ابن جريج مجاهد في ذلك مثل ما عليه الناس .
27618 - وانعقد الإجماع ، وارتفع الخلاف .
27619 - حدثني أحمد بن عبد الله قال : حدثني الحسن بن إسماعيل ، قال : حدثني عبد الله بن بحر ، قال : حدثني ، قال : حدثني محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثني سنيد حجاج ، عن ، قال : سألت ابن جريج عطاء عن قوله - عز وجل - : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج [ البقرة : 240 ] .
قال : كان ميراث المرأة من زوجها من ربعه أن تسكن إن شاءت من يوم يموت زوجها إلى الحول ، ثم نسخها ما جعل الله لها من الميراث .
[ ص: 227 ] 27620 - قال : وقال ابن جريج مجاهد : وصية لأزواجهم سكنى الحول ، ثم نسخ .
27621 - وبه عن ، قال : حدثني سنيد ، عن وكيع شعبة ، عن حميد ، عن نافع ، عن ، قالت : زينب بنت أبي سلمة " . توفي زوج امرأة ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد اشتكت عينيها تسأله عن الكحل ، فقال لها : " قد كانت إحداكن في الجاهلية في شر أحلاسها إذا توفي زوجها مكثت في بيتها حولا ، وإذا مر بها الكلب رمته بالبعرة ، أفلا أربعة أشهر وعشرا ؟ !
27622 - حدثني عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ، قال : حدثني ، قال : حدثني أحمد بن سلمان النجاد قال : حدثني أبو داود سليمان بن الأشعث سليمان الأسود العجلي ، قال : حدثني ، قال : حدثني يحيى بن آدم أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة في قوله - عز وجل - : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج [ البقرة : 240 ] ، نسختها أربعة أشهر وعشر .
قال : قلنا لسماك عن ؟ قال : قال ابن عباس عكرمة : كل شيء أحدثكم به في القرآن فهو عن . ابن عباس
27623 - وحدثني عبد الله ، قال أحمد ، قال : حدثني أبو داود ، قال : [ ص: 228 ] حدثني أحمد بن محمد ، قال : حدثني ، عن أبيه ، عن علي بن حسين بن واقد يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ، قال : ابن عباس والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ، ونسخ الوصية للزوجات بآية المواريث ; لما فرض الله لها من الربع ، أو الثمن ، ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرا .
27624 - هذا حديث ثابت صحيح عن ، وعليه جماعة الناس . ابن عباس
27625 - قال : حدثني أحمد بن محمد ، قال : حدثني ، قال : حدثني أحمد بن سليمان أبو داود ، قال : حدثني ، قال : أخبرنا أحمد بن كثير همام ، قال : سمعت قتادة يقول في تفسير ( وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ) قال : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها كان لها السكنى والنفقة حولا كاملا من مال زوجها ما لم تخرج ، ثم نسخ ذلك ، فجعل عدتها أربعة أشهر وعشرا ، ونسخ النفقة في الحول ، كما جعل الله لها من الثمن أو الربع ميراثا .
27626 - قال أبو عمر : أما الحول ، فمنسوخ بالأربعة الأشهر والعشر ، لا خلاف في ذلك .
[ ص: 229 ] 27627 - وأما الوصية بالسكنى ، والنفقة فمن أهل العلم من رأى أنها منسوخة بالميراث ، وهم أكثر أهل الحجاز .
27628 - وأما أهل العراق ، فذلك منسوخ عندهم بالسنة بأن لا وصية لوارث ، وما في الوجهين كان النسخ ، فهو إجماع على ما رواه عن ابن أبي نجيح مجاهد ، وأنه منكر من القول ، لا يلتفت إليه ، وقد ذكره ، وبالله التوفيق . البخاري