الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكر ما جرى للشيخ تقي الدين ابن تيمية مع الأحمدية ، وكيف عقدت له المجالس الثلاثة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي يوم السبت تاسع جمادى الأولى حضر جماعة كثيرة من الفقراء الأحمدية إلى نائب السلطنة بالقصر الأبلق ، وحضر الشيخ تقي الدين ابن تيمية ، فسألوا من نائب السلطنة بحضرة الأمراء أن يكف الشيخ تقي الدين إنكاره عليهم ، وأن يسلم لهم حالهم ، فقال لهم الشيخ : هذا ما يمكن ، ولا بد لكل أحد أن يدخل تحت الكتاب والسنة قولا وفعلا ، ومن خرج عنهما وجب الإنكار عليه على كل أحد ، فأرادوا أن يفعلوا شيئا من أحوالهم الشيطانية التي يتعاطونها في سماعاتهم ، فقال الشيخ : تلك أحوال شيطانية باطلة ، وأكثر أحوالكم من باب الحيل والبهتان ، ومن أراد منكم أن يدخل النار فليدخل أولا إلى الحمام ، وليغسل جسده غسلا جيدا ، ويدلكه بالخل والأشنان ، ثم يدخل بعد [ ص: 52 ] ذلك إلى النار إن كان صادقا ، ولو فرض أن أحدا من أهل البدع دخل النار بعد أن يغتسل ، فإن ذلك لا يدل على صلاحه ، ولا على كرامته ، بل حاله من أحوال الدجاجلة المخالفة للشريعة المحمدية ، إذا كان صاحبها على السنة ، فما الظن بخلاف ذلك! فابتدر شيخ المنيبع الشيخ صالح ، وقال : نحن أحوالنا إنما تنفق عند التتر ، ليست تنفق عند الشرع . فضبط الحاضرون عليه تلك الكلمة ، وكثر الإنكار عليهم من كل أحد ، ثم اتفق الحال على أنهم يخلعون الأطواق الحديد من رقابهم ، وأن من خرج على الكتاب والسنة ضربت عنقه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وصنف الشيخ جزءا في طريقة الأحمدية ، وبين فيه فساد أحوالهم ، ومسالكهم ، وتخيلاتهم ، وما في طريقتهم من مقبول ومردود بالكتاب والسنة ، وأظهر الله السنة على يديه ، وأخمد بدعتهم ، ولله الحمد والمنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي العشر الأوسط من هذا الشهر خلع على علاء الدين بن معبد ، وعز الدين خطاب ، وسيف الدين بكتمر مملوك بكتاش الحسامي بالإمرة ، ولبسوا التشاريف ، وركبوا بها ، وسلموا إليهم جبل الجرد ، والكسروان ، والبقاع .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي يوم الخميس ثالث رجب خرج الناس للاستسقاء إلى سطح المزة ، ونصبوا هناك منبرا ، وخرج نائب السلطنة ، وجميع الناس من القضاة ، والعلماء ، والفقراء ، وكان مشهدا هائلا ، وخطبة عظيمة فصيحة ، فاستسقوا فلم يسقوا يومهم ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية