الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 282 ] سورة يونس عليه السلام تقدم السكت لأبي جعفر على كل حرف من الفواتح في بابه ، وتقدم اختلافهم في إمالة الراء في بابها ، وتقدم في لساحر في أواخر المائة .

                                                          ( واختلفوا ) في : حقا إنه فقرأ أبو جعفر بفتح الهمزة ، وقرأ الباقون بكسرها ، وتقدم همز ضياء في باب الهمز المفرد .

                                                          ( واختلفوا ) في : يفصل الآيات فقرأ ابن كثير ، والبصريان وحفص بالياء ، وقرأ الباقون بالنون ، وتقدم مذهب ورش من طريق الأصبهاني في تسهيل همزة واطمأنوا بها في باب الهمز المفرد .

                                                          ( واختلفوا ) في : لقضي إليهم أجلهم فقرأ ابن عامر ويعقوب بفتح القاف والضاد وقلب الياء ألفا ( أجلهم ) بالنصب ، وقرأ الباقون بضم القاف وكسر الضاد وفتح الياء أجلهم بالرفع .

                                                          ( واختلفوا ) في : ولا أدراكم به ، و لا أقسم بيوم القيامة ، فروى قنبل من طرقه بحذف الألف التي بعد اللام فتصير لام توكيد ( واختلف ) عن البزي ، فروى العراقيون قاطبة من طريق أبي ربيعة عنه كذلك في الموضعين ، وبذلك قرأ أبو عمرو الداني على شيخه عبد العزيز الفارسي عن النقاش عن أبي ربيعة روى ابن الحباب عن البزي إثبات الألف فيهما على أنها " لا " النافية ، وكذلك ، وروى المغاربة ، والمصريون قاطبة عن البزي من طرقه ، وبذلك قرأ الداني على شيخه أبي الحسن بن غلبون وأبي الفتح فارس ، وبذلك قرأ الباقون فيهما ، وتقدم أتنبئون لأبي جعفر في الهمز المفرد .

                                                          ( واختلفوا ) في : عما يشركون هنا ، وفي موضعي النحل ، وفي الروم فقرأ حمزة والكسائي وخلف بالخطاب في الأربعة ، وقرأ الباقون بالغيب فيهن .

                                                          ( واختلفوا ) في : ما تمكرون ، فروى روح بالغيب ، وقرأ الباقون بالخطاب .

                                                          ( واختلفوا ) في : يسيركم في البر فقرأ أبو جعفر وابن عامر بفتح الياء ونون ساكنة بعدها وشين معجمة مضمومة من النشر ، وكذلك هي في أهل مصاحف أهل الشام ، وغيرها . وقرأ الباقون بضم الياء وسين مهملة مفتوحة بعدها ياء مكسورة مشددة من التيسير ، وكذلك هي في مصاحفهم

                                                          ( واختلفوا ) [ ص: 283 ]

                                                          في : متاع الحياة فروى حفص بنصب العين ، وقرأ الباقون برفعها .

                                                          ( واختلفوا ) في : قطعا فقرأ ابن كثير ويعقوب والكسائي بإسكان الطاء ، وقرأ الباقون بفتحها .

                                                          ( واختلفوا ) في : هنالك تبلو فقرأ حمزة والكسائي وخلف بتاءين من التلاوة ، وقرأ الباقون بالتاء والياء من البلوى ، وتقدم اختلافهم في كلمات في سورة الأنعام .

                                                          ( واختلفوا ) في : أم من لا يهدي فقرأ ابن كثير وابن عامر وورش بفتح الياء ، والهاء ، وتشديد الدال ، وقرأ أبو جعفر كذلك إلا أنه أسكن الهاء ، وقرأ حمزة والكسائي وخلف بفتح الياء ، وإسكان الهاء وتخفيف الدال ، وقرأ يعقوب وحفص بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال ، وروى أبو بكر كذلك إلا أنه بكسر الياء ، واختلف في الهاء عن أبي عمرو وقالون وابن جماز مع الاتفاق عنهم على فتح الياء وتشديد الدال ، فروى المغاربة قاطبة وكثير من العراقيين عن أبي عمرو اختلاس فتحة الهاء ، وعبر بعضهم عن ذلك بالإخفاء وبعضهم بالإشمام وبعضهم بتضعيف الصوت وبعضهم بالإشارة . وبذلك ورد النص عنه من طرق كثيرة من رواية اليزيدي ، وغيره . قال ابن رومي : قال العباس : قرأته على أبي عمرو خمسين مرة فيقول : قاربت ، ولم تصنع شيئا . قال ابن رومي : فقلت للعباس : خذه أنت على لفظ أبي عمرو فقلته مرة واحدة فقال : أصبت; هكذا كان أبو عمرو يقوله انتهى . وكذا روى ابن فرح عن الدوري وابن حبش عن السوسي أداء ، وهي رواية شجاع عن أبي عمرو نصا وأداء ، وهو الذي لم يقرأ الداني على شيوخه سواه ، ولم يأخذ إلا به ، ولم ينص الحافظ الهمداني وابن مهران على غيره ، وقال سبط الخياط : بهذا صحت الرواية عنه ، وبه قرأت على شيوخي قال : وكان الرئيس أبو الخطاب أحسن الناس تلفظا به وأنا أعيده مرارا حتى وقفت على مقصوده ، وقال لي : كذا أوقفني عليه الشيخ أبو الفتح بن شيطا قال ابن شيطا والإشارة وسط بين قراءة من سكن وفتح يعني تشديد الدال ، وروى عنه أكثر العراقيين إتمام فتحة الهاء كقراءة ابن كثير وابن عامر سواء ، وبذلك نص الإمام أبو جعفر

                                                          [ ص: 284 ] أحمد بن جبير وأبو جعفر محمد بن سعدان في جامعه وبه كان يأخذ أبو بكر بن مجاهد تيسيرا على المبتدئين ، وغيرهم . قال الداني : وذلك لصعوبة اختلاس الفتح لخفته اعتمادا على من روى ذلك عن اليزيدي قال : وحدثني الحسن بن علي البصري قال : حدثنا أحمد بن نصر قال : قال ابن مجاهد : قال : من رأيته يضبط هذا ، وسألت مقدما منهم مشهورا عن يهدي ، فلفظ به ثلاث مرات كل واحدة تخالف أختيها .

                                                          ( قلت ) : ولا شك في صعوبة الاختلاس ولكن الرياضة من الأستاذ تذلله والإتمام أحد الوجهين في المستنير ، والكامل ، ولم يذكر في الإرشاد سواه .

                                                          وانفرد صاحب العنوان بإسكان الهاء في روايتيه وجها واحدا ، وهو الذي ذكره الداني عن شجاع وحده ، وروى أكثر المغاربة وبعض المصريين عن قالون الاختلاس كاختلاس أبي عمرو سواء ، وهو اختيار الداني الذي لم يأخذ بسواه مع نصه عن قالون بالإسكان ، ولم يذكر مكي ، ولا المهدوي ، ولا ابن سفيان ، ولا ابنا غلبون غيره إلا أن أبا الحسن أغرب جدا في جعله اختلاس قالون دون اختلاس أبي عمرو ففرق بينهما فيما تعطيه عبارته في تذكرته والذي قرأ عليه به أبو عمرو الداني الاختلاس كأبي عمرو ، وهو الذي لا يصح في الاختلاس سواه ، وروى العراقيون قاطبة وبعض المغاربة ، والمصريين عن قالون الإسكان ، وهو المنصوص عنه وعن إسماعيل والمسيبي ، وأكثر رواة نافع عليه ، نص الداني في جامع البيان ، ولم يذكر صاحب العنوان له سواه ، وهو أحد الوجهين في الكافي ، وروى أكثر أهل الأداء عن ابن جماز الإسكان كابن وردان وقالون في المنصوص عنه ، وهو الذي لم يذكر ابن سوار له سواه ، وروى كثير منهم له الاختلاس ، وهي رواية العمري ، وهو الذي لم يذكر الهذلي من جميع الطرق عنه سواه .

                                                          وتقدم اختلافهم في ولكن الناس عند ولكن الشياطين كفروا من البقرة ، وتقدم يحشرهم كأن لم لحفص في الأنعام ، وتقدم ذكر الآن في الموضعين من هذه السورة في باب المد وباب الهمزتين من كلمة وباب النقل . وتقدم ويستنبئونك

                                                          [ ص: 285 ]

                                                          لأبي جعفر .

                                                          ( واختلفوا ) في : فليفرحوا فروى رويس بالخطاب ، وهي قراءة أبي ، ورويناهما مسندة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي لغة لبعض العرب ، وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " لتأخذوا مصافكم " ( أخبرنا ) شيخنا أبو حفص عمر بن الحسين بن مزيد قراءة عليه أنا أبو علي بن أحمد بن عبد الواحد أنا عمر بن محمد البغدادي أنا أبو الوليد إبراهيم بن محمد الكرخي أنا أبو بكر الخطيب أنا أبو القاسم بن جعفر الهاشمي أنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي أنا أبو داود الحافظ ( ثنا ) محمد بن عبد الله ثنا المغيرة بن سلمة ثنا ابن المبارك عن الأجلح حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون يعني بالخطاب فيهما ، حديث حسن أخرجه أبو داود كذلك في كتابه ، وقرأ الباقون بالغيب واختلفوا في مما يجمعون فقرأ أبو جعفر وابن عامر ورويس بالخطاب ، وقرأ الباقون بالغيب .

                                                          وتقدم اختلافهم في همز أرأيتم من باب الهمز المفرد و آلله أذن لكم في الهمزتين من كلمة .

                                                          ( واختلفوا ) في : وما يعزب هنا ، وفي سبأ فقرأ الكسائي بكسر الزاي ، وقرأ الباقون بضمها .

                                                          ( واختلفوا ) في : ولا أصغر ، ولا أكبر فقرأ يعقوب وحمزة وخلف برفع الراء فيهما ، وقرأ الباقون بالنصب .

                                                          ( واتفقوا ) على رفع الحرفين في سبأ لارتفاع مثقال " واختلف " عن رويس في فأجمعوا ، فروى أبو الطيب والقاضي أبو العلاء عن النخاس كلاهما عن التمار عنه بوصل عنه بوصل الهمزة وفتح الميم ، وبه الحافظ أبو العلاء لرويس في غايته مع أنه خلاف ذلك; نعم رواها عن النخاس أيضا أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي فوافق القاضي ، وهي قراءة عاصم الجحدري ورواية عصمة شيخ يعقوب عن أبي عمرو ووردت عن نافع ، وهي اختيار ابن مقسم والزعفراني ، وهي أمر : من جمع ، ضد فرق ، قال تعالى : فجمع كيده ثم أتى وقيل : جمع وأجمع بمعنى; ويقال : الإجماع

                                                          [ ص: 286 ] في الأحداث والجمع في الأعيان ، وقد يستعمل كل مكان الآخر ، وقرأ الباقون بقطع الهمزة مفتوحة وكسر الميم .

                                                          ( واختلفوا ) في : شركاءكم فقرأ يعقوب برفع الهمزة عطفا على ضمير فأجمعوا وحسنه الفصل بالمفعول ويحتمل أن يكون مبتدأ محذوف الخبر للدلالة عليه ، أي : وشركاؤكم فليجمعوا أمرهم ، وقرأ الباقون بالنصب .

                                                          ( واختلف ) عن أبي بكر في وتكون لكما الكبرياء ، فروى عنه العليمي بالياء على التذكير ، وهي طريق ابن عصام عن الأصم عن شعيب ، وكذا روى الهذلي عن أصحابه عن نفطويه ، وروى سائر أصحاب يحيى بن آدم ، وأكثر أصحاب أبي بكر بالتاء على التأنيث ، وبذلك قرأ الباقون ، وتقدم اختلافهم في بكل ساحر عليم في الأعراف ، وتقدم اختلافهم في همزة ( آلسحر ) في باب الهمزتين من كلمة ، وتقدم اختلافهم في ليضلوا في الأنعام ( واختلف ) عن ابن عامر في ولا تتبعان ، فروى ابن ذكوان والداجوني عن أصحابه عن هشام بتخفيف النون فتكون " لا " نافية فيصير اللفظ لفظ الخبر ، ومعناه النهي كقوله تعالى : لا تضار والدة على قراءة من رفعه ، أو يجعل حالا من فاستقيما أي فاستقيما غير متبعين وقيل هي نون التوكيد الخفيفة كسرت كما كسرت الثقيلة ، أو كسرت لالتقاء الساكنين تشبيها بالنون من رجلا ويفعلان ، وقد سمع كسرها ، وقد أجاز الفراء ويونس إدخالها ساكنة نحو اضربان وليضربان زيدا ، ومنع ذلك سيبويه ويحتمل أن تكون النون هي الثقيلة إلا أنها استثقل تشديدها فخففت كما خففت " رب " ، وإن قال أبو البقاء ، وغيره هي الثقيلة وحذف النون الأولى منهما تخفيفا ، ولم تحذف الثانية لأنه لو حذفها حذف نونا محركة واحتاج إلى تحريك الساكنة ، و تحريك الساكنة أقل تغييرا انتهى . و تتبعان على أن النون نون التوكيد خفيفة ، أو ثقيلة مبنى . و " لا " قبله للنهي . وانفرد ابن مجاهد عن ابن ذكوان بتخفيف التاء الثانية ساكنة وفتح الباء مع تشديد النون ، وكذا روى سلامة بن وهران أداء عن ابن ذكوان ، قال الداني : وذلك غلط من أصحاب ابن مجاهد ، ومن سلامة لأن جميع الشاميين رووا ذلك عن

                                                          [ ص: 287 ] ابن ذكوان عن الأخفش سماعا وأداء بتخفيف النون وتشديد التاء ، وكذا نص عليه في كتابه ، وكذلك روى الداجوني عن أصحابه عن ابن ذكوان وهشام ، جميعا .

                                                          ( قلت ) : قد صحت عندنا هذه القراءة ، أعني تخفيف التاء مع تشديد النون من غير طريق ابن مجاهد وسلامة فرواها أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي الصيدلاني عن هبة الله بن جعفر عن الأخفش نص عليها أبو طاهر بن سوار . وصح أيضا من رواية التغلبي عن ابن ذكوان تخفيف التاء والنون جميعا ووردت أيضا عن أبي زرعة وابن الجنيد عن ابن ذكوان ، وذلك كله ليس من طرقنا ، وانفرد الهذلي به عن هشام ، وهو وهم - والله أعلم - .

                                                          ولا أعلم أحدا رواها بإسكان النون إلا ما حكاه الشيخ أبو علي الفارسي فقال وقرئ بتخفيف التاء ، وإسكان النون ، وهي الخفيفة .

                                                          ( قلت ) : وذهب أبو نصر منصور بن أحمد العراقي إلى أن الوقف عليها في مذهب من خفف النون بالألف ، وهذا يدل على أنها عنده نون التوكيد الخفيفة ، ولم أعلم ذلك لغيره ، ولا يؤخذ به وإن كان قد اختاره الهذلي ، وذلك لشذوذه قطعا ، وروى الحلواني عن هشام بتشديد التاء الثانية وفتحها وكسر الباء وتشديد النون ، وكذلك قرأ الباقون ، ونص كل من أبي طاهر بن سوار والحافظ أبي العلاء على الوجهين جميعا عن الداجوني تخييرا عن هشام .

                                                          ( واختلفوا ) في : آمنت أنه فقرأ حمزة والكسائي وخلف ، أنه بكسر الهمزة ، وقرأ الباقون بفتحها ، وتقدم تخفيف ننجيك ليعقوب في الأنعام ، وتقدم ( فسل الذين ) في باب النقل ، وتقدم كلمات في الأنعام ، وتقدم أفأنت في الهمز المفرد .

                                                          ( واختلفوا ) في : ويجعل الرجس ، فروى أبو بكر بالنون ، وقرأ الباقون بالياء ، وتقدم ننجي رسلنا ليعقوب و ننجي المؤمنين له وللكسائي وحفص كلاهما في الأنعام ، وتقدم وقف يعقوب على ننج المؤمنين في باب الوقف على مرسوم الخط .

                                                          ( وفيها من ياءات الإضافة خمس ) لي أن أبدله من إني أخاف فتحهما

                                                          [ ص: 288 ] المدنيان ، وابن كثير وأبو عمرو نفسي إن ، وربي إنه فتحهما المدنيان ، وأبو عمرو أجري إلا فتحها المدنيان ، وأبو عمرو وابن عامر وحفص .

                                                          ( وفيها زائدة ) تنظرون أثبتها في الحالين يعقوب والله تعالى الهادي للصواب

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية