القسم الرابع .
من النوافل ما يتعلق بأسباب عارضة ، ولا يتعلق بالمواقيت ، وهي تسعة .
صلاة الخسوف ، والكسوف ، والاستسقاء ، وتحية المسجد ، وركعتي الوضوء ، وركعتين بين الأذان والإقامة ، وركعتين عند الخروج من المنزل والدخول فيه .
ونظائر ذلك ، فنذكر منها ما يحضرنا الآن .
الأولى : . صلاة الخسوف
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته .
القسم الرابع من النوافل ما يتعلق بأسباب عارضة ولا يتعلق بالمواقيت
- صلاة الخسوف والكسوف
- فصل في كيفية صلاة الكسوف
- فصل الفوائد المتعلقة بصلاة الخسوف والكسوف
- فصل صفة صلاة الكسوف ووقتها وكيفيتها
- صلاة الاستسقاء
- فصل صلاة الاستسقاء في جماعة
- فصل تحويل الرداء في صلاة الاستسقاء
- لواحق الباب وفوائده
- فصل الصلاة في الاستسقاء
- صلاة الجنازة
- فصل أركان صلاة الجنازة التكبيرات
- فصل تكبيرات الجنازة أربعة
- فصل عدد التكبير في صلاة ال
- فصل بيان لواحق هذا الباب
- صلاة تحية المسجد
- فصل في فروع هذا الباب
- فصل في ركعتي دخول المسجد
- صلاة ركعتين بعد الوضوء
- ركعتان عند دخول المنزل وعند الخروج منه
- صلاة الاستخارة
- فصل في كيفية الاستخارة
- صلاة الحاجة
- صلاة التسبيح
- فصل أصح الطرق لحديث ابن عباس في صلاة التسبيح
- فصل من روى حديث صلاة التسبيح غير ابن عباس
- فوائد تتعلق بصلاة التسبيح
- نية التطوع في أوقات الكراهة
- أسباب النهي عن الصلاة في أوقات الكراهة
التالي
السابق
( القسم الرابع من النوافل ما يتعلق بأسباب عارضة، ولا يتعلق بالمواقيت، وهي تسعة) .
( صلاة الخسوف، والكسوف، والاستسقاء، وتحية المسجد، وركعتي الوضوء، وركعتين بين الأذان والإقامة، وركعتين عند الخروج من المنزل والدخول فيه، ونظائر ذلك، فنذكر من ذلك ما يحضرنا الآن: الأول اعلم أن الإضافة على نوعين: من الإضافة: إضافة تعريف، وإضافة تقييد. فكل ما كانت الماهية كاملة فيه تكون إضافته للتعريف، وما كانت ماهيته ناقصة فإضافته للتقييد. نظير الأول: ماء البئر، وصلاة الخسوف، ونظير الثاني: ماء الباقلاء، صلاة الخسوف) كذا في مجمع الروايات، وهو من قبيل إضافة الشيء إلى سببه؛ لأن سببها الخسوف، ثم إن وصلاة الجنازة. ومنه كسف وجهه إذا تغير، والخسوف النقصان قاله الأصمعي، والجمهور أنهما يكونان لذهاب ضوء الشمس والقمر بالكلية، وقيل: بالكاف في الابتداء، وبالخاء في الانتهاء، وقيل: بالكاف لذهاب جميع الضوء، وبالخاء لبعضه، وقيل: بالخاء لذهاب كل اللون، وبالكاف لتغييره، وزعم علماء الهيئة أن كسوف الشمس لا حقيقة له فإنها لا تتغير في نفسها، وإنما القمر يحول بيننا وبينها، ونورها باق، وأما كسوف القمر فحقيقة؛ فإن ضوأه من ضوء الشمس، وكسوفه بحيلولة ظل الأرض بين الشمس وبينه بنقطة التقاطع، فلا يبقى فيه ضوء البتة، فخسوفه ذهاب ضوئه حقيقة. اهـ . الكسوف لغة التغيير إلى السواد،
وأبطله ابن العربي بأنهم زعموا أن الشمس أضعاف القمر، فكيف يحجب الأصغر الأكبر إذا قابله؟! وقال في الأحكام في الكسوف: فوائد ظهور التصرف في هذين الخلقين العظيمين، إزعاج القلوب الغافلة وإيقاظها، وليرى الناس نموذج القيامة لكونهما يفعل بهما ذلك، ثم يعادان فيكون تنبيها على خوف المكر، ورجاء العفو، والإعلام بأنه قد يؤخذ من لا ذنب له؛ فكيف من له ذنب، ثم هي سنة مؤكدة عند الطبري لفعله صلى الله عليه وسلم وأمره، والصارف عن الوجوب بما سبق في العيد، وعند الشافعي سنة غير مؤكدة، وقول أبي حنيفة في الأم لا يجوز تركها حملوه على الكراهة لتأكدها ليوافق كلامه في [ ص: 428 ] مواضع أخر، والمكروه قد يوصف بعدم الجواز من جهة إطلاق الجائز على مستوى الطرفين، وصرح الشافعي في صحيحه بوجوبها، وإليه ذهب بعض أبو عوانة الحنفية، واختاره صاحب الأسرار، وهو أبو يزيد الدبوسي، ثم من أوجبها منهم إنما أوجبها للشمس دون القمر، وهو محجوج بالإجماع قبله ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر آيتان) أي: علامتان ( من آيات الله) الدالة على وحدانيته وعظيم قدرته، أو على تخويف عباده من بأسه وسطوته ( لا يخسفان) بالبناء للمعلوم على أنه لازم، ويجوز الضم على أنه متعد، لكن نقل الزركشي عن أنه حكى منعه، ولم يبين لذلك دليلا؛ أي: لا يذهب الله نورهما ( لموت أحد) من العظماء، ولا ( لحياته) تتميم للتقسيم، وإلا فلم يدع أحد أن الكسوف لحياة أحد، وذكر لدفع توهم من يقول: لا يلزم من نفي كونه سببا للفقدان أن يكون سببا للإيجاد، فعمم الشارع النفي لدفع هذا التوهم. وقال بعضهم: أما كونه آية من آيات الله؛ فلأن الخلق عاجزون عن ذلك، وأما أنه من الآيات المخوفة فلأن تبديل النور بالظلمة تخويف، والله تعالى إنما يخوف عبيده ليتركوا المعاصي ويرجعوا لطاعته التي بها فوزهم، ابن الصلاح وأفضل الطاعات بعد الإيمان الصلاة، وفيه رد على أهل الهيئة حيث قالوا: الكسوف أمر عادي لا تأخير فيه ولا تقديم؛ لأنه لو كان كما زعموا لم يكن فيه تخويف ولا فزع، ولم يكن للأمر بالصلاة والصدقة معنى، ولئن سلمنا ذلك فالتخويف باعتبار أنه يذكر بالقيامة لكونه أنموذجا؛ قال تعالى: فإذا برق البصر وخسف القمر الآية، ومن ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا يخشى أن تكون الساعة كما في رواية، وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتد هبوب الرياح تغير ودخل وخرج؛ خشية أن تكون كريح عاد، وإن كان هبوب الرياح أمرا عاديا، وإن كان أهل الخشية والمراقبة يفزعون من ذلك، ومن أقل من ذلك؛ إذ كل ما في العالم علوية وسفلية دليل على نفوذ قدرة الله تعالى وتمام قهره .
فإن قلت: التخويف عبارة عن إحداث الخوف بسبب، ثم قد يقع الخوف، وقد لا يقع، وحينئذ يلزم الخلف في الوعيد .
فالجواب: المنع؛ لأن الخلف وضده من عوارض الأقوال، وأما الأفعال فلا، إنما هي من جنس المعاريض، والصحيح عندنا فيما يتميز به الواجب أنه التخويف؛ ولهذا لم يلزم الخلف على تقدير المغفرة .
فإن قيل: الوعيد لفظ عام، فكيف يخلص من الخلف؟ فالجواب أن لفظ الوعيد عام أريد به الخصوص، غير أن كل واحد يقول: لعلي داخل العموم، ولكن أراد تخويفه بإيراد العموم، وستر العاقبة عنه في بيان أنه خارج منه فيجتمع حينئذ الوعيد والمغفرة ولا خلف، ومصداقه في قوله تعالى: وما نرسل بالآيات إلا تخويفا قال الدماميني: ثم في هذا القول رد لما كانت الجاهلية تعتقد أنهما إنما ينخسفان لموت عظيم، والمنجمون يعتقدون في تأثيرهما في العالم، والكثير من الكفرة يعتقد تعظيمهما لكونهما أعظم الأنوار، حتى أفضى الحال إلى أن عبدهما كثير منهم، خصهما صلى الله عليه وسلم تنبيها على سقوطهما عن هذه المرتبة؛ لما يعرض لهما من النقص، وذهاب ضوئهما الذي عظما في النفوس من أجله .
( صلاة الخسوف، والكسوف، والاستسقاء، وتحية المسجد، وركعتي الوضوء، وركعتين بين الأذان والإقامة، وركعتين عند الخروج من المنزل والدخول فيه، ونظائر ذلك، فنذكر من ذلك ما يحضرنا الآن: الأول اعلم أن الإضافة على نوعين: من الإضافة: إضافة تعريف، وإضافة تقييد. فكل ما كانت الماهية كاملة فيه تكون إضافته للتعريف، وما كانت ماهيته ناقصة فإضافته للتقييد. نظير الأول: ماء البئر، وصلاة الخسوف، ونظير الثاني: ماء الباقلاء، صلاة الخسوف) كذا في مجمع الروايات، وهو من قبيل إضافة الشيء إلى سببه؛ لأن سببها الخسوف، ثم إن وصلاة الجنازة. ومنه كسف وجهه إذا تغير، والخسوف النقصان قاله الأصمعي، والجمهور أنهما يكونان لذهاب ضوء الشمس والقمر بالكلية، وقيل: بالكاف في الابتداء، وبالخاء في الانتهاء، وقيل: بالكاف لذهاب جميع الضوء، وبالخاء لبعضه، وقيل: بالخاء لذهاب كل اللون، وبالكاف لتغييره، وزعم علماء الهيئة أن كسوف الشمس لا حقيقة له فإنها لا تتغير في نفسها، وإنما القمر يحول بيننا وبينها، ونورها باق، وأما كسوف القمر فحقيقة؛ فإن ضوأه من ضوء الشمس، وكسوفه بحيلولة ظل الأرض بين الشمس وبينه بنقطة التقاطع، فلا يبقى فيه ضوء البتة، فخسوفه ذهاب ضوئه حقيقة. اهـ . الكسوف لغة التغيير إلى السواد،
وأبطله ابن العربي بأنهم زعموا أن الشمس أضعاف القمر، فكيف يحجب الأصغر الأكبر إذا قابله؟! وقال في الأحكام في الكسوف: فوائد ظهور التصرف في هذين الخلقين العظيمين، إزعاج القلوب الغافلة وإيقاظها، وليرى الناس نموذج القيامة لكونهما يفعل بهما ذلك، ثم يعادان فيكون تنبيها على خوف المكر، ورجاء العفو، والإعلام بأنه قد يؤخذ من لا ذنب له؛ فكيف من له ذنب، ثم هي سنة مؤكدة عند الطبري لفعله صلى الله عليه وسلم وأمره، والصارف عن الوجوب بما سبق في العيد، وعند الشافعي سنة غير مؤكدة، وقول أبي حنيفة في الأم لا يجوز تركها حملوه على الكراهة لتأكدها ليوافق كلامه في [ ص: 428 ] مواضع أخر، والمكروه قد يوصف بعدم الجواز من جهة إطلاق الجائز على مستوى الطرفين، وصرح الشافعي في صحيحه بوجوبها، وإليه ذهب بعض أبو عوانة الحنفية، واختاره صاحب الأسرار، وهو أبو يزيد الدبوسي، ثم من أوجبها منهم إنما أوجبها للشمس دون القمر، وهو محجوج بالإجماع قبله ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر آيتان) أي: علامتان ( من آيات الله) الدالة على وحدانيته وعظيم قدرته، أو على تخويف عباده من بأسه وسطوته ( لا يخسفان) بالبناء للمعلوم على أنه لازم، ويجوز الضم على أنه متعد، لكن نقل الزركشي عن أنه حكى منعه، ولم يبين لذلك دليلا؛ أي: لا يذهب الله نورهما ( لموت أحد) من العظماء، ولا ( لحياته) تتميم للتقسيم، وإلا فلم يدع أحد أن الكسوف لحياة أحد، وذكر لدفع توهم من يقول: لا يلزم من نفي كونه سببا للفقدان أن يكون سببا للإيجاد، فعمم الشارع النفي لدفع هذا التوهم. وقال بعضهم: أما كونه آية من آيات الله؛ فلأن الخلق عاجزون عن ذلك، وأما أنه من الآيات المخوفة فلأن تبديل النور بالظلمة تخويف، والله تعالى إنما يخوف عبيده ليتركوا المعاصي ويرجعوا لطاعته التي بها فوزهم، ابن الصلاح وأفضل الطاعات بعد الإيمان الصلاة، وفيه رد على أهل الهيئة حيث قالوا: الكسوف أمر عادي لا تأخير فيه ولا تقديم؛ لأنه لو كان كما زعموا لم يكن فيه تخويف ولا فزع، ولم يكن للأمر بالصلاة والصدقة معنى، ولئن سلمنا ذلك فالتخويف باعتبار أنه يذكر بالقيامة لكونه أنموذجا؛ قال تعالى: فإذا برق البصر وخسف القمر الآية، ومن ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا يخشى أن تكون الساعة كما في رواية، وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتد هبوب الرياح تغير ودخل وخرج؛ خشية أن تكون كريح عاد، وإن كان هبوب الرياح أمرا عاديا، وإن كان أهل الخشية والمراقبة يفزعون من ذلك، ومن أقل من ذلك؛ إذ كل ما في العالم علوية وسفلية دليل على نفوذ قدرة الله تعالى وتمام قهره .
فإن قلت: التخويف عبارة عن إحداث الخوف بسبب، ثم قد يقع الخوف، وقد لا يقع، وحينئذ يلزم الخلف في الوعيد .
فالجواب: المنع؛ لأن الخلف وضده من عوارض الأقوال، وأما الأفعال فلا، إنما هي من جنس المعاريض، والصحيح عندنا فيما يتميز به الواجب أنه التخويف؛ ولهذا لم يلزم الخلف على تقدير المغفرة .
فإن قيل: الوعيد لفظ عام، فكيف يخلص من الخلف؟ فالجواب أن لفظ الوعيد عام أريد به الخصوص، غير أن كل واحد يقول: لعلي داخل العموم، ولكن أراد تخويفه بإيراد العموم، وستر العاقبة عنه في بيان أنه خارج منه فيجتمع حينئذ الوعيد والمغفرة ولا خلف، ومصداقه في قوله تعالى: وما نرسل بالآيات إلا تخويفا قال الدماميني: ثم في هذا القول رد لما كانت الجاهلية تعتقد أنهما إنما ينخسفان لموت عظيم، والمنجمون يعتقدون في تأثيرهما في العالم، والكثير من الكفرة يعتقد تعظيمهما لكونهما أعظم الأنوار، حتى أفضى الحال إلى أن عبدهما كثير منهم، خصهما صلى الله عليه وسلم تنبيها على سقوطهما عن هذه المرتبة؛ لما يعرض لهما من النقص، وذهاب ضوئهما الذي عظما في النفوس من أجله .