الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكر مقتل الجاشنكير

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان قد فر الخبيث في جماعة من أصحابه ، فلما خرج الأمير سيف الدين قراسنقر المنصوري من مصر متوجها إلى نيابة الشام عوضا عن الأفرم ، فلما كان في غزة في سابع ذي القعدة ضرب حلقة لأجل الصيد ، فوقع في وسطها الجاشنكير في ثلاثمائة من أصحابه ، فأحيط بهم ، وتفرق عنه أصحابه ، فأمسكوه ، [ ص: 97 ] ورجع معه قراسنقر وسيف الدين بهادر آص على الهجن ، فلما كان بالخطارة تلقاهم أسندمر ، فتسلمه منهم ، ورجعا إلى عسكرهم ، ودخل به أسندمر على السلطان ، فعاتبه ولامه ، وكان آخر العهد به ، قتل ودفن بالقرافة ، ولم ينفعه شيخه المنبجي ولا أمواله ، بل قتل شر قتلة ، ودخل قراسنقر دمشق يوم الاثنين الخامس والعشرين من ذي القعدة ، فنزل بالقصر ، وكان في صحبته ابن صصرى ، وابن الزملكاني ، وابن القلانسي ، وعلاء الدين بن غانم ، وخلق من الأمراء المصريين والشاميين ، وكان الخطيب جلال الدين القزويني قد وصل قبلهم يوم الخميس الثاني والعشرين من الشهر ، وخطب يوم الجمعة على عادته ، فلما كان يوم الجمعة الأخرى وهو التاسع والعشرون من الشهر ، خطب بجامع دمشق القاضي بدر الدين محمد بن عثمان بن يوسف بن الحداد الحنبلي ، عن إذن نائب السلطنة ، وقرئ تقليده على المنبر بعد الصلاة بحضرة القضاة والأكابر والأعيان ، وخلع عليه عقيب ذلك خلعة سنية ، واستمر يباشر الإمامة والخطابة اثنين وأربعين يوما ، ثم أعيد الخطيب جلال الدين بمرسوم السلطان ، وباشر يوم الخميس ثاني عشر المحرم من السنة الآتية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ذي الحجة درس كمال الدين بن الشيرازي بالمدرسة الشامية البرانية ، انتزعها من يد الشيخ كمال الدين بن الزملكاني ، وذلك أن أسندمر ساعده على ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها أظهر ملك التتر خربندا الرفض في بلاده ، وأمر الخطباء أن لا [ ص: 98 ] يذكروا في خطبتهم إلا علي بن أبي طالب ، وولديه ، وأهل بيته ، ولما وصل خطيب باب الأزج إلى هذا الموضع من خطبته بكى بكاء شديدا ، وبكى الناس معه ، ونزل ولم يتمكن من إتمامها ، فأقيم من أتمها عنه وصلى بالناس ، وظهر على الناس بتلك البلاد من أهل السنة أهل البدعة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولم يحج فيها أحد من أهل الشام بسبب تخبيط الدولة وكثرة الاختلاف .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية