الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما تمت هذه القصة على هذا الأسلوب الأعظم، والسبيل الأقوم، متكفلة بالدلالة على القدرة على ما وقعت إليه الإشارة من البشارة أول السورة بتكثير هذه الأمة ورد العرب عن غيهم بعد طول التمادي في العناد، والتنكب عن سبيل الرشاد، إلى ما تخللها من التسلية بأحوال السلف الصالح والتأسية، مفصلة من أدلة التوحيد والبعث، وغير ذلك من الحكم، بما يبعث الهمم، على معالي الشيم، كان كأنه قيل: هل يعاد شيء من القصص على هذا الأسلوب البديع والمثال الرفيع؟ فقيل: نعم كذلك أي مثل هذا القص العالي، في هذا النظم العزيز الغالي، لقصة موسى ومن ذكر معه نقص عليك أي بما لنا من العظمة التي لا يعجزها شيء; وأشار إلى جلالة علمه بقوله: من أنباء أي أخبار ما قد سبق من الأزمان والكوائن الجليلة، زيادة في علمك، وإجلالا لمقدارك، وتسلية لقلبك، وإذهابا لحزنك، بما اتفق للرسل من قبلك [وتكثيرا لأتباعك وزيادة في معجزاتك، وليعتبر السامع ويزداد المستبصر في دينه بصيرة وتأكد الحجة على من عابه -]: وقد آتيناك من عظمتنا [ ص: 340 ] تشريفا لك وتعظيما لقدرك من لدنا أي من عندنا من الأمر الشريف بمزيد خصوصيته بنا ولطيف اتصاله بحضرتنا [من -] غيب غيبا ذكرا عظيما جليلا جامعا لما أظهرناه من أمرنا في التوراة، وما أبطناه من سرنا في الإنجيل، وما أودعناه من سكينتنا في الزبور، مع ما خصصناه به من لطائف المزايا، وعظائم الأسرار، يعرف بمجرد تلاوته أنه من عندنا لما يشهد له من الروح، ويذاق له من الإخبات والسكون، ويرى له من الجلالة في الصدور مع القطع بأن أحدا لا يقدر أن يعارضه، وضمناه تلك القصص مع ما زدنا فيه على ذلك من المواعظ والأحكام ودقائق إشارات الحقائق، متكفلا بسعادة الدارين وحسنى الحسنيين، فمن أقبل عليه كان مذكرا له بكل ما يريد من العلوم النافعة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية