الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 275 ] ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس [41]

                                                                                                                                                                                                                                        في معناه قولان: أحدهما ظهر الجدب في البر أي في البوادي وقراها، وفي البحر أي في مدن البحر مثل واسأل القرية أي ظهر قلة الغيث وغلاء السعر بما كسبت أيدي الناس من المعاصي لنذيقهم عقاب بعض الذين عملوا ثم حذف. والقول الآخر أن معنى "ظهر الفساد" ظهرت المعاصي من قطع السبيل والظلم فهذا هو الفساد على الحقيقة. والأول مجاز إلا أنه على الجواب الثاني يكون في الكلام حذف واختصار دل عليه ما بعده، ويكون المعنى ظهرت المعاصي في البر والبحر فحبس الله عنهم الغيث وأغلى سعرهم ليذيقهم عقاب بعض ما عملوا (لعلهم يرجعون) وروى داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس "لعلهم يرجعون" لعلهم يتوبون.

                                                                                                                                                                                                                                        فأما قوله جل وعز: وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس [39]

                                                                                                                                                                                                                                        فقد ذكرنا قول العلماء فيه أنه أن يهدي الرجل إلى الرجل الهدية يريد عليها المكافأة ولا يريد الثواب فذلك مباح إلا أنه لا يثاب عليه لأنه لم يقصد به ثواب الله جل وعز غير أن الضحاك قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك خاصة بقوله جل وعز: ولا تمنن تستكثر وقد قيل: معنى وما آتيتم من ربا هو الربا الذي لا يحل، وقال قائل: هذا القول معنى فلا يربو عند الله فلا يحكم به لآخذه لأنه ليس له وإنما هو للمأخوذ منه، وتثنية الربا ربوان، كذا قول سيبويه ، ولا يجوز عند أصحابه غيره. وسمعت أبا إسحاق يقول وذكر قول الكوفيين لا يكفيهم في قولهم ربيان أن [ ص: 276 ] يخطئوا في الخط فيكتبوا الربا بالياء حتى يخطئوا في التثنية واستعظم هذا، وقد قال الله جل وعز ليربو في أموال الناس فهذا أبين أنه من ذوات الواو، وأن القول كما قال أبو إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية