الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قاعدة :

الأصل توافق الضمائر في المرجع حذرا من التشتيت ، ولهذا لما جوز بعضهم في : أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم [ طه : 39 ] أن الضمير في الثاني : للتابوت ، وفي الأول : لموسى عابه الزمخشري ، وجعله تنافرا مخرجا للقرآن عن إعجازه ، فقال : والضمائر كلها راجعة إلى [ ص: 563 ] موسى ، ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت فيه هجنة ; لما تؤدي إليه من تنافر النظم الذي هو أم إعجاز القرآن ، ومراعاته أهم ما يجب على المفسر .

وقال في : لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه [ الفتح : 9 ] الضمائر لله تعالى ، والمراد بتعزيره تعزير دينه ورسوله ، ومن فرق الضمائر فقد أبعد .

وقد يخرج عن هذا الأصل ، كما في قوله ولا تستفت فيهم منهم أحدا [ الكهف : 22 ] فإن ضمير ( فيهم ) لأصحاب الكهف و ( منهم ) لليهود قاله ثعلب والمبرد . ومثله : ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا [ هود : 77 ] قال ابن عباس ساء ظنا بقومه وضاق ذرعا بأضيافه .

وقوله إلا تنصروه [ التوبة : 40 ] الآية ، فيها اثنا عشر ضميرا كلها للنبي صلى الله عليه وسلم إلا ضمير ( عليه ) فلصاحبه ، كما نقله السهيلي عن الأكثرين ; لأنه صلى الله عليه وسلم لم تنزل عليه السكينة ، وضمير ( جعل ) له تعالى .

وقد يخالف بين الضمائر حذرا من التنافر نحو : منها أربعة حرم [ التوبة : 36 ] الضمير للاثني عشر ، ثم قال : فلا تظلموا فيهن [ التوبة : 36 ] أتى بصيغة الجمع مخالفا لعوده على الأربعة .

ضمير الفصل : ضمير بصيغة المرفوع مطابق لما قبله ، تكلما وخطابا وغيبة ، إفرادا وغيره ، وإنما يقع بعد مبتدإ أو ما أصله المبتدأ وقبل خبر كذلك ، نحو : وأولئك هم المفلحون [ البقرة : 5 ] وإنا لنحن الصافون [ الصافات : 165 ] ، كنت أنت الرقيب عليهم [ المائدة : 117 ] ، تجدوه عند الله هو خيرا [ المزمل : 20 ] ، إن ترني أنا أقل منك مالا [ الكهف : 39 ] ، هؤلاء بناتي هن أطهر لكم [ هود : 78 ] .

وجوز الأخفش وقوعه بين الحال وصاحبها ، وخرج عليه قراءة هن أطهر ) بالنصب .

وجوز الجرجاني وقوعه قبل مضارع ، وجعل منه : إنه هو يبدئ ويعيد [ البروج : 13 ] ، وجعل منه أبو البقاء ومكر أولئك هو يبور [ فاطر : 10 ] .

ولا محل لضمير الفصل من الإعراب وله ثلاث فوائد : الإعلام بأن ما بعده خبر لا تابع . والتأكيد ; ولهذا سماه الكوفيون دعامة لأنه يدعم به الكلام أي : يقوى ويؤكد ، وبنى عليه بعضهم : أنه لا يجمع بينه وبينه ، فلا يقال : زيد نفسه هو الفاضل . والاختصاص .

[ ص: 564 ] وذكر الزمخشري الثلاثة في وأولئك هم المفلحون [ البقرة : 5 ] ، فقال : فائدته الدلالة على أن ما بعده خبر لا صفة ، والتوكيد ، وإيجاب أن فائدة المسند ثابتة للمسند إليه دون غيره .

ضمير الشأن والقصة : ويسمى ضمير المجهول ، قال في المغني : خالف القياس من خمسة أوجه :

أحدهما : عوده على ما بعده لزوما ، إذ لا يجوز للجملة المفسرة له أن تتقدم عليه ولا شيء منها .

والثاني : أن مفسره لا يكون إلا جملة .

والثالث : أنه لا يتبع بتابع ، فلا يؤكد ولا يعطف عليه ، ولا يبدل منه .

والرابع : أنه لا يعمل فيه إلا الابتداء أو ناسخه .

والخامس : أنه ملازم للإفراد .

ومن أمثلته قل هو الله أحد [ الإخلاص : 1 ] ، فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا [ الأنبياء : 97 ] . فإنها لا تعمى الأبصار [ الحج : 46 ] .

وفائدته : الدلالة على تعظيم المخبر عنه وتفخيمه ، بأن يذكر أولا مبهما ، ثم يفسر .

تنبيه : قال ابن هشام : متى أمكن الحمل على غير ضمير الشأن ، فلا ينبغي أن يحمل عليه ، ومن ثم ضعف قول الزمخشري في : إنه يراكم [ الأعراف : 27 ] إن اسم ( إن ) ضمير الشأن ، والأولى كونه ضمير الشيطان ، ويؤيده قراءة ( وقبيله ) [ الأعراف : 27 ] بالنصب ، وضمير الشأن لا يعطف عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية