الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون "العجل "؛ هو العجلة؛ والتسرع؛ والسبق إلى مخاطر الأمور من غير تفكير؛ ومعنى أنه خلق من عجل: المبالغة في عجلته؛ كما يقال: "خلق من كرم "؛ مبالغة في الكرم؛ [ ص: 4864 ] وكما قال (تعالى): خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ؛ وقوله (تعالى): خلق الإنسان من عجل نظيره ومؤداه: وكان الإنسان عجولا ؛ وهذا التعبير فيه تأكيد في عجلته؛ وكأنه يكون من عجلة؛ وهذا كناية عن استعجاله للأمور؛ وفيه مجاز؛ بتشبيه في عجلته وكونها طبعا له غير منفصل عن ذاته؛ بأنه خلق منها؛ طبعا له؛ لا تنفصل عنه؛ وهم يستعجلون دائما ما أوعد من عذاب؛ كما قال: ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات ؛ فهم يستعجلون العذاب؛ كأنهم يتحدون الله؛ والله أمهلهم لحكمة يعلمها؛ وكل شيء عنده بمقدار؛ وإذا كانوا يتحدون مستعجلين فالله (تعالى) ينذرهم؛ ويخبرهم بأنه آتيهم لا ريب فيه؛ ويقول - سبحانه -: سأريكم آياتي فلا تستعجلون الآيات هي آيات القدرة والقهر بالنذر التي تومئ بغلبة محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن آمن به؛ وبالريح العاصف التي غلب بها محمد - صلى الله عليه وسلم - في غزوة "الأحزاب "؛ هذه آيات بينات على ما ينزل بالكافرين لكفرهم؛ ونصرة الحق عليهم؛ والسين هنا لتأكيد الفعل في المستقبل؛ وإسناد الفعل إلى الله (تعالى) فيه تأكيد الوقوع؛ ورؤيتهم لهذه الآيات هي رؤية معاينة؛ لا رؤية علم ونظر فقط؛ فلا تستعجلون أي: لا تطلبوا العجلة من أمر هو واقع فيكم لا محالة؛ واستأنوا؛ فإن ما تطلبون نازل.

                                                          وذكر - سبحانه - من استعجالهم قوله:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية