الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 1233 ] الفصل الثاني

                          [ فيما يتعلق بإظهار المنكر من أقوالهم وأفعالهم مما نهوا عنه ]

                          221 - فصل

                          قولهم : " ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوسا "

                          الجاسوس : عين المشركين وأعداء المسلمين ، وقد شرط على أهل الذمة ألا يؤوه في كنائسهم ومنازلهم ، فإن فعلوا انتقض عهدهم وحلت دماؤهم وأموالهم ، وهل يحتاج ثبوت ذلك إلى اشتراط إمام العصر له على أهل الذمة ؟ أو يكفي شرط عمر رضي الله عنه ؟ على قولين معروفين للفقهاء :

                          أحدهما : أنه لا بد من شرط الإمام له إذ أن شرط عمر رضي الله عنه كان على أهل الذمة في ذلك الوقت ، ولم يكن شرطا شاملا للإمامة إلى يوم القيامة .

                          وكلام الشافعي يدل على هذا ، فإنه قال في رواية المزني والربيع : " ويشترط عليهم - يعني الإمام - أن من ذكر كتاب الله أو محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو دين الله بما لا ينبغي ، أو زنى بمسلمة أو أصابها بنكاح ، أو فتن مسلما [ ص: 1234 ] عن دينه ، أو قطع عليه الطريق ، أو أعان أهل الحرب بدلالة على المسلمين ، أو آوى عينا لهم ، فقد نقض عهده وأحل دمه وبرئت منه ذمة الله وذمة رسوله " .

                          والقول الثاني : لا يشترط ذلك بل يكفي شرط عمر رضي الله عنه وهو مستمر عليهم أبدا قرنا بعد قرن .

                          وهذا هو الصحيح الذي عليه العمل من أقوال أئمة الإسلام ، ولو كان تجديد اشتراط الإمام شرطا في ذلك لما جاز إقرار أهل الذمة اليوم ومناكحتهم ، ولا أخذ الجزية منهم .

                          وفي اتفاق الأمة دلالة على ذلك قرنا بعد قرن وعصرا بعد عصر اكتفاء بشرط عمر رضي الله عنه .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية