الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الثالثة : { سنسمه على الخرطوم } .

                                                                                                                                                                                                              فيها مسألتان : المسألة الأولى : { سنسمه على الخرطوم } : ذكر فيه أهل التفسير قولين : [ ص: 265 ] أحدهما أنها سمة سوداء تكون على أنفه يوم القيامة يميز بها بين الناس . وهذا كقوله : { يعرف المجرمون بسيماهم } .

                                                                                                                                                                                                              وقيل : يضرب بالنار على أنفه يوم القيامة يعني وسما يكون علامة [ عليه ] . وقد قال تعالى : { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } ; فهذه علامة ظاهرة . وقال : { ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا } وهذه علامة أخرى ظاهرة ، فأفادت هذه الآية علامة ثالثة وهي الوسم على الخرطوم من جملة الوجه . المسألة الثانية قوله : { سنسمه } : كان الوسم في الوجه لذوي المعصية قديما عند الناس حتى أنه روي كما تقدم أن اليهود لما أهملوا رجم الزاني واعتاضوا عنه بالضرب وتحميم الوجه ، وهذا وضع باطل .

                                                                                                                                                                                                              ومن الوسم الصحيح في الوجه ما رأى العلماء من تسويد وجه شاهد الزور علامة على قبح المعصية ، وتشديدا لمن يتعاطاها لغيره ممن يرجى تجنبه بما يرجى من عقوبة شاهد الزور وشهرته .

                                                                                                                                                                                                              وقد كان عزيزا بقول الحق ، وقد صار مهينا بالمعصية ; وأعظم الإهانة إهانة الوجه ، وكذلك كانت الاستهانة به في طاعة الله سببا لحياة الأبد ، والتحريم له على النار ; فإن الله قد حرم على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود ، حسبما ثبت في الصحيح .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية