الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا ما أخلفنا موعدك أي : وعدنا إياك الثابت على ما أمرتنا به ، وإيثاره على أن يقال موعدنا على إضافة المصدر إلى فاعله لما مر آنفا . بملكنا أي : بأن ملكنا أمورنا ،يعنون : أنا لو خلينا وأمورنا ولم يسول لنا السامري ما سوله مع مساعدة بعض الأحوال لما أخلفناه . وقرئ : "بملكنا" بكسر الميم وضمها والكل لغات في مصدر ملكت الشيء .

                                                                                                                                                                                                                                      ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم استدراك عما سبق ، واعتذار عما فعلوا ببيان منشإ الخطإ . وقرئ : "حملنا" بالتخفيف ، أي : حملنا أحمالا من حلي القبط التي استعرناها منهم حين هممنا بالخروج من مصر باسم العرس . وقيل : كانوا استعاروها لعيد كان لهم ، ثم لم يردوها إليهم عند الخروج مخافة أن يقفوا على أمرهم ، وقيل : هي ما ألقاه البحر على الساحل بعد إغراقهم فأخذوها ، ولعل تسميتهم لها أوزارا لأنها تبعات وآثام حيث لم تكن الغنائم تحل حينئذ .

                                                                                                                                                                                                                                      فقذفناها أي : في النار رجاء للخلاص عن ذنبها فكذلك أي : فمثل ذلك القذف ألقى السامري أي : ما كان معه منها ، وقد كان أراهم أنه أيضا يلقي ما كان معه من الحلي ، فقالوا ما قالوا على زعمهم ، وإنما كان الذي ألقاه التربة التي أخذها من آثر الرسول كما سيأتي . روي أنه قال لهم : إنما تأخر موسى عنكم لما معكم من الأوزار ، فالرأي أن نحفر [ ص: 36 ] حفيرة ونسجر فيها نارا ونقذف فيها كل ما معنا ، ففعلوا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية