الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان : الشيخ الصالح المقرئ ، بقية السلف ، عفيف الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الحق بن عبد الله بن عبد الأحد بن علي القرشي المخزومي الدلاصي ، شيخ الحرم بمكة ، أقام فيه أزيد من ستين سنة يقرئ الناس القرآن احتسابا ، وكانت وفاته ليلة الجمعة الرابع عشر من المحرم بمكة ، وله أزيد من تسعين سنة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الفاضل شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمذاني ، أبوه الصالحي المعروف بالسكاكيني ، ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة بالصالحية ، وقرأ بالروايات ، واشتغل في مقدمة في النحو ، ونظم قويا ، وسمع الحديث ، وخرج له ابن الفخر البعلبكي جزءا عن شيوخه ، ثم دخل في التشيع ، فقرأ على أبي صالح الحلبي شيخ الشيعة ، [ ص: 212 ] وصحب ابن عدنان ، وقرأ عليه أولاده ، وطلبه أمير المدينة النبوية الأمير منصور بن جماز ، فأقام عنده نحوا من سبع سنين ، ثم عاد إلى دمشق وقد ضعف ، وثقل سمعه ، وله سؤال في الجبر ، أجابه فيه الشيخ تقي الدين ابن تيمية وكل عنه غيره . وظهر له بعد موته كتاب فيه انتصار لليهود وأهل الأديان الفاسدة ، فغسله تقي الدين السبكي لما قدم دمشق قاضيا - وكان بخطه ، ولما مات لم يشهد جنازته القاضي شمس الدين بن مسلم . توفي يوم الجمعة سادس عشر صفر ، ودفن بسفح قاسيون ، وقتل ابنه فيما بعد على قذفه أمهات المؤمنين عائشة وغيرها ، رضي الله عنهن وقبح قاذفهن .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي يوم الجمعة مستهل رمضان صلي بدمشق على غائبين هما الشيخ نجم الدين عبد الله بن محمد الأصبهاني ، توفي بمكة ، أحد العباد والزهاد الذين يقصدون للزيارة ، وعلى الشيخ محمد الزيلعي ، توفي بمكة أيضا ، وهو من الصالحين أيضا ، وعلى جماعة توفوا بالمدينة النبوية ، منهم أبو [ ص: 213 ] عبد الله محمد بن أبي القاسم بن فرحون مدرس المالكية بها ، والشيخ يحيى الكردي ، والشيخ حسن المغربي السقا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الإمام العالم علاء الدين علي بن سعيد بن سالم الأنصاري ، إمام مشهد علي من جامع دمشق ، كان بشوش الوجه ، متواضعا ، حسن الصوت بالقراءة ، ملازما لإقراء الكتاب العزيز بالجامع ، وكان يؤم نائب السلطنة وهو والد العلامة بهاء الدين محمد بن علي مدرس الأمينية ومحتسب دمشق ، توفي ليلة الاثنين رابع رمضان ، ودفن بسفح قاسيون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير حاجب الحجاب زين الدين كتبغا المنصوري ، حاجب دمشق ، كان من خيار الأمراء وأكثرهم برا للفقراء والمساكين ، يحب الختم والمواعيد والموالد ، وسماع القرآن والحديث ، ويكرم أهل ذلك ، ويحسن إليهم كثيرا ، وكان ملازما لشيخنا أبي العباس ابن تيمية كثيرا ، وكان يحج ويتصدق ، توفي يوم الجمعة آخر النهار ، ثامن عشرين شوال ، ودفن من الغد بتربته قبلي القبيبات ، وشهده خلق كثير ، وأثنوا عليه ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 214 ] والشيخ بهاء الدين بن المقدسي ، والشيخ سعد الدين أبو زكريا يحيى المقدسي ، والد الشيخ شمس الدين محمد بن سعد المحدث المشهور ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي سيف الدين الناسخ ، المنادي على الكتب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      والشيخ أحمد الحرام ، المقرئ على الجنائز ، وكان يكرر علي " التنبيه " ، ويسأل عن أشياء منها ما هو حسن ، ومنها ما ليس بحسن .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية