الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فائدة

قال أبو بكر الصيرفي في شرح ( رسالة الشافعي ) : جماع الاختلاف والتناقض أن كل كلام صح أن يضاف بعض ما وقع الاسم عليه إلى وجه من الوجوه فليس فيه تناقض ، وإنما التناقض في اللفظ ما ضاده من كل جهة على حسب ما [ ص: 183 ] تقتضيه الأسماء ، ولن يوجد في الكتاب ولا في السنة شيء من ذلك أبدا ; وإنما يوجد فيه النسخ في وقتين ، بأن يوجب حكما ثم يحله أو يحرمه ، وهذا لا تناقض فيه وتناقض الكلام لا يكون إلا في إثبات ما نفي ، أو نفي ما أثبت ، بحيث يشترك المثبت والمنفي في الاسم والحدث والزمان والأفعال والحقيقة ; فلو كان الاسم حقيقة في أحدهما ، وفي الآخر مستعارا ، ونفي أحدهما ، وأثبت الآخر لم يعد تناقضا .

هذا كله في الأسماء ، وأما المعاني وهو باب القياس ، فكل من أوجد علة وحررها ، وأوجب بها حكما من الأحكام ، ثم ادعى تلك العلة بعينها فيما يأباه الحكم ، فقد تناقض ; فإن رام الفرق لم يسمع منه ; لأنه في فرقه تناقض ، والزيادة في العلة نقص ، أو تقصير عن تحريرها في الابتداء ، وليس هذا على السائل .

وكل مسألة يسأل عنها فلا تخلو من أحد وجهين : إما أن يسأل فيما يستحق الجواب عنه أو لا ، فأما المستحق للجواب فهو ما يمكن كونه ويجوز ، وأما ما استحال كونه فلا يستحق جوابا ; لأن من علم أنه لا يجتمع القيام والقعود ، فسأل : هل يكون الإنسان قائما منتصبا جالسا في حال واحدة ؟ فقد أحال وسأل عن محال ، فلا يستحق الجواب . فإن كان لا يعرف القيام والقعود عرف ، فإذا عرفه فقد استحال عنده ما سأله .

قال : وقد رأيت كثيرا مما يتعاطى العلم يسأل عن المحال - ولا يدري أنه محال - ويجاب عنه ، والآفات تدخل على هؤلاء لقلة علمهم بحق الكلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية