الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          سورة إبراهيم عليه السلام تقدم سكت أبي جعفر على الفواتح واختلافهم في إمالة الراء .

                                                          ( واتفقوا ) في الله الذي فقرأ المدنيان ، وابن عامر برفع الهاء في الحالين ، وافقهم رويس في الابتداء خاصة ، وقرأ الباقون بالخفض في الحالين ، وتقدم تأذن في باب الهمز المفرد ، وتقدم إسكان أبي عمرو سبلنا في البقرة ، وتقدم إمالة حمزة خاف وخاب في بابها ، وتقدم الرياح للمدنيين في البقرة .

                                                          ( واختلفوا ) في : خلق السماوات والأرض هنا و خلق كل دابة في النور فقرأ حمزة والكسائي وخلف ، ( خالق ) فيها بألف وكسر اللام ورفع القاف وخفض السماوات والأرض ، و ( كل ) بعدهما ، وقرأ الباقون بفتح اللام والقاف من غير ألف ، ونصب " السماوات " بالكسر ، و " الأرض " و " كل " بالفتح .

                                                          ( واختلفوا ) في : بمصرخي فقرأ حمزة بكسر الياء ، وهي لغة بني يربوع ، نص على ذلك قطرب وأجازها هو والفراء ، وإمام اللغة والنحو والقراءة أبو عمرو بن العلاء ، وقال أبو القاسم بن معن النحوي : هي

                                                          [ ص: 299 ] صواب ، ولا عبرة بقول الزمخشري ، وغيره ممن ضعفها ، أو لحنها فإنها قراءة صحيحة اجتمعت فيها الأركان الثلاثة ، وقرأ بها أيضا يحيى بن رئاب وسليمان بن مهران الأعمش وحمران بن أعين وجماعة من التابعين ، وقياسها في النحو صحيح ، وذلك أن الياء الأولى ، وهي ياء الجمع جرت مجرى الصحيح لأجل الإدغام فدخلت ساكنة عليها ياء الإضافة وحركت بالكسر على الأصل في اجتماع الساكنين وهذه اللغة باقية شائعة ذائعة في أفواه أكثر الناس إلى اليوم ، يقولون ما في كذا ، يطلقونها في كل ياءات الإضافة المدغم فيها ، فيقولون ما علي منك ، ولا أمرك إلي ، بعضهم يبالغ في كسرتها حتى تصير ياء ، وتقدم أكلها في البقرة عند هزوا و خبيثة اجتثت أيضا وتقدم إمالة قرار و البوار و القهار في بابها .

                                                          ( واختلفوا ) في : ليضلوا عن سبيله هنا وفي الحج ليضل عن سبيل الله في لقمان ليضل عن سبيل الله ، وفي الزمر ليضل عن سبيله فقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء في الأربعة ( واختلف ) عن رويس ، فروى التمار من كل طرقه إلا طريق أبي الطيب كذلك هنا والحج والزمر ، ومن طريق أبي الطيب بعكس ذلك بفتح الياء في لقمان ليضل عن سبيل الله ، وفي الزمر ليضل عن سبيله فقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء في الأربعة ( واختلف ) عن رويس ، فروى التمار من كل طرقه إلا طريق أبي الطيب كذلك هنا والحج والزمر ، ومن طريق أبي الطيب بعكس ذلك بفتح في لقمان وبضم في الباقي ، وقرأ الباقون بالضم فيها ، وتقدم اختلافهم في ( لا بيع فيه ولا خلال ) عند فلا خوف عليهم ، أوائل البقرة ، وتقدم إمالة عصاني للكسائي في بابها .

                                                          ( واختلف ) عن هشام في أفئدة من الناس ، فروى الحلواني عنه من جميع طرقه بياء بعد الهمزة هنا خاصة ، وهي رواية العباس بن الوليد البيروتي عن أصحابه عن ابن عامر ، قال الحلواني عن هشام : هو من الوفود ، فإن كان قد سمع فعلى غير قياس ، وإلا فهو على لغة المشبعين من العرب الذين يقولون الدراهيم والصياريف ، وليست ضرورة ، بل لغة مستعملة ، وقد ذكر الإمام أبو عبد الله بن مالك في شواهد التوضيح الإشباع من الحركات الثلاثة لغة معروفة ، وجعل من ذلك قولهم : بينا زيد قائم جاء عمرو ، أي : بين أوقات قيام زيد ، فأشبعت فتحة النون فتولد الألف ، وحكى

                                                          [ ص: 300 ] الفراء أن من العرب من يقول أكلت لحما شاة ، أي لحم شاة ، وقال بعضهم : بل هو ضرورة ، وإن هشاما سهل الهمزة كالياء فعبر الراوي عنها على ما فهم بياء بعد الهمزة والمراد بياء عوض عنها ، ورد ذلك الحافظ الداني ، وقال : إن النقلة عن هشام كانوا أعلم بالقراءة ووجوهها ، وليس يفضي بهم الجهل إلى أن يعتقد فيهم مثل هذا .

                                                          ‌( قلت ) : ومما يدل على فساد ذلك القول أن تسهيل هذه الهمزة كالياء لا يجوز ، بل تسهيلها إنما يكون بالنقل ، ولم يكن الحلواني منفردا بها عن هشام ، بل رواها عنه كذلك أبو العباس أحمد بن محمد بن بكر البكراوي شيخ ابن مجاهد ، وكذلك لم ينفرد بها هشام عن ابن عامر ، بل رواها عن ابن عامر العباس بن الوليد ، وغيره كما تقدم ، ورواها الأستاذ أبو محمد سبط الخياط عن الأخفش عن هشام ، وعن الداجوني عن أصحابه عن هشام ، وقال : ما رأيته منصوصا في التعليق لكن قرأت به على الشريف ، انتهى . وأطلق الحافظ أبو العلاء الخلاف عن جميع أصحاب هشام ، وروى الداجوني من أكثر الطرق عن أصحابه وسائر أصحاب هشام عنه بغير ياء ، وكذلك قرأ الباقون .

                                                          ( واتفقوا ) على قوله تعالى : وأفئدتهم هواء أنه بغير ياء لأنه جمع فؤاد ، وهو القلب ، أي قلوبهم فارغة من العقول ، وكذلك سائر ما ورد في القرآن ففرق بينهما ، وكذلك قال هشام : هو من الوفود - والله أعلم - .

                                                          وانفرد القاضي أبو العلاء عن النخاس عن رويس إنما يؤخرهم بالنون ، وهي رواية أبي زيد وجبلة عن المفضل ، وقراءة الحسن البصري ، وغيره ، وروى سائر أصحاب النخاس وسائر أصحاب رويس بالياء ، وبذلك قرأ الباقون .

                                                          ( واختلفوا ) في : لتزول فقرأ الكسائي بفتح اللام الأولى ورفع الثانية ، وقرأ الباقون بكسر الأولى ، ونصب الثانية .

                                                          ( فيها من ياءات الإضافة ثلاث ) : لي عليكم فتحها حفص لعبادي الذين أسكنها ابن عامر وحمزة والكسائي وروح إني أسكنت فتحها المدنيان ، وابن كثير وأبو عمرو .

                                                          [ ص: 301 ]

                                                          ( ومن الزوائد ثلاث ) وخاف وعيد أثبتها وصلا ورش ، وأثبتها في الحالين يعقوب أشركتمون أثبتها في الوصل أبو جعفر وأبو عمرو وأثبتها في الحالين يعقوب ورويت عن ابن شنبوذ لقنبل وتقبل دعاء أثبتها وصلا أبو جعفر وأبو عمرو وحمزة وورش ، وأثبتها في الحالين يعقوب والبزي ، واختلف عن قنبل ، وصلا ووقفا كما تقدم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية