الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في مواكلة الحائض وسؤرها

                                                                                                          133 حدثنا عباس العنبري ومحمد بن عبد الأعلى قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حرام بن معاوية عن عمه عبد الله بن سعد قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مواكلة الحائض فقال واكلها قال وفي الباب عن عائشة وأنس قال أبو عيسى حديث عبد الله بن سعد حديث حسن غريب وهو قول عامة أهل العلم لم يروا بمواكلة الحائض بأسا واختلفوا في فضل وضوئها فرخص في ذلك بعضهم وكره بعضهم فضل طهورها

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب في مؤاكلة الجنب والحائض وسؤرها ) وفي بعض النسخ وسؤرهما .

                                                                                                          قوله : ( حدثنا عباس العنبري ) هو عباس بن عبد العظيم بن إسماعيل العنبري البصري أبو [ ص: 352 ] الفضل ، ثقة حافظ من كبار الحادية عشرة ، روى عنه البخاري تعليقا والباقون ، مات سنة 246 ست وأربعين ومائتين .

                                                                                                          ( ومحمد بن عبد الأعلى ) الصنعاني البصري ، ثقة من العاشرة ، مات سنة 254 أربع وخمسين ومائتين .

                                                                                                          ( عن حرام بن معاوية ) قال الخزرجي حرام بن حكيم بن خالد الأنصاري أو العنسي ويقال هو حرام بن معاوية عن عمه عبد الله بن سعد وأبي هريرة ، وعنه العلاء بن الحارث وثقه دحيم ، انتهى . وقال الحافظ في ترجمة حرام بن حكيم بن خالد ما لفظه : وهو حرام بن معاوية كان معاوية بن صالح يقوله على الوجهين ووهم من جعلهما اثنين ، وهو ثقة من الثالثة ، انتهى .

                                                                                                          ( عن عمه عبد الله بن سعد ) صحابي شهد فتح القادسية .

                                                                                                          قوله : ( فقال واكلها ) صيغة أمر من المواكلة ، أي كل معها . وفيه دلالة على جواز مؤاكلة الحائض .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عائشة وأنس ) أما حديث عائشة فأخرجه مسلم والنسائي وأبو داود عنها قالت : كنت أتعرق العظم وأنا حائض فأعطيه النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فمه في الموضع الذي فيه وضعته ، وأشرب الشراب فأناوله فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب منه ، وأما حديث أنس فأخرجه مسلم وأبو داود وغيرهما عنه قال : إن اليهود كانوا إذا حاضت منهم المرأة أخرجوها من البيت ولم يواكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت . . . الحديث ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء غير النكاح . . . إلخ .

                                                                                                          قوله : ( حديث عبد الله بن سعد حديث حسن غريب ) وأخرجه أحمد وأخرجه أيضا أبو داود ورواته كلهم ثقات ، وإنما غربه الترمذي لأنه تفرد به الحارث عن حكيم بن حزام ، وحكيم بن حزام عن عمه عبد الله بن سعد ، قاله الشوكاني .

                                                                                                          قلت : رواه الترمذي من طريق العلاء بن الحارث عن حرام بن معاوية عن عمه عبد الله بن سعد لا من طريق العلاء عن حكيم بن حزام .

                                                                                                          [ ص: 353 ] قوله : ( وهو قول عامة أهل العلم لم يروا بمؤاكلة الحائض بأسا ) قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي : وهذا مما أجمع الناس عليه ، وهكذا نقل الإجماع محمد بن جرير الطبري ، وأما قوله تعالى فاعتزلوا النساء في المحيض فالمراد اعتزلوا وطأهن .

                                                                                                          ( واختلفوا في فضل وضوئها فرخص في ذلك بعضهم وكره بعضهم طهورها ) الراجح هو عدم الكراهة ، وحديث عائشة المذكور يدل على أن ريق الحائض طاهر ، وعلى طهارة سؤرها من طعام أو شراب ، قال الشوكاني : ولا خلاف فيهما فيما أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية