الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        153 127 - مالك ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ، ثم المازني ، عن أبيه ، أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري قال له : إني أراك تحب الغنم والبادية ، فإذا كنت في غنمك أو باديتك ، فأذنت بالصلاة - فارفع صوتك بالنداء ; فإنه " لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ، ولا إنس ، ولا شيء - إلا شهد له يوم القيامة " . قال أبو سعيد : سمعته من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                        [ ص: 46 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 46 ] 4053 - قال أبو عمر : فيه الأذان للمنفرد والمسافر ، وذلك عند مالك حسن ، إلا أن الأذان عنده في مساجد الجماعات ، وحيث يجتمع الناس .

                                                                                                                        4054 - فقد ورد في فضائل الأذان للمنفرد والمعتزل آثار حسان ، سنذكرها بعد في أولى المواضع بها من كتابنا هذا .

                                                                                                                        4055 - وفيه إباحة لزوم البادية ، واكتساب الغنم ، وأنه ينبغي للمرء أن يحب الغنم والبادية ; اقتداء بالسلف ، وفرارا من شر الناس ، واعتزالا عنهم ، ولكن في البعد عن الجماعة والجمعة ما فيه من البعد عن الفضائل ، إلا أن الزمان إذا كثر فيه الشر ، وتعذرت فيه السلامة - طابت العزلة ، والجليس الصالح - إذا وجد - خير من العزلة والوحدة .

                                                                                                                        4056 - وقد روى مالك بهذا الإسناد عن النبي ، عليه السلام : " يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر ، يفر بدينه من الفتن " .

                                                                                                                        4057 - وأما قوله : " فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ، ولا إنس ، ولا شيء - إلا شهد له يوم القيامة " - فالمدى الغاية ; حيث ينتهي الصوت .

                                                                                                                        4058 - فأما فهم الجماد والموات فلا يدرك كيفيته ذلك إلا الله ، وفي قوله ، تعالى : ياجبال أوبي معه [ سبأ : 10 ] ; أي سبحي معه ، وقوله ، تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده [ الإسراء : 44 ] وقوله : فما بكت [ ص: 47 ] عليهم السماء والأرض [ الدخان : 25 ] ما يشهد لهذا المعنى .

                                                                                                                        4059 - وقد أوضحنا فيما مضى وجه قول من قال : إنه على الحقيقة ، ومن حمله على المجاز . والحمد لله .

                                                                                                                        4060 - وسنذكر في العزلة وفضلها ما حضرنا في موضعه من كتابنا .

                                                                                                                        4061 - ونذكر اختلاف العلماء في الأذان في السفر في الباب بعد هذا ، إن شاء الله .




                                                                                                                        الخدمات العلمية