الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل ومن اعترف بوطء أمته في الفرج ، أو دونه فأتت بولد لستة أشهر لحقه نسبه ، وإن ادعى العزل إلا أن يدعي الاستبراء ، وهل يحلف ؛ على وجهين .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( ومن اعترف بوطء أمته في الفرج ، أو دونه ) صارت فراشا له ( فأتت بولد لستة أشهر لحقه نسبه ) . نقله الجماعة مطلقا لحديث عائشة في ابن زمعة ، ولقول عمر : لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أنه ألم بها إلا ألحقت به ولدها فأنزلوا بعد ذلك ، أو اتركوا . رواه الشافعي ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، عن عمر ، وقياسا على النكاح .

                                                                                                                          وقال أبو حنيفة : لا تصير فراشا حتى يقر بولدها ، فإذا أقر به صارت فراشا ولحقه أولاده بعد ذلك ; لأنها لو صارت فراشا بالوطء لصارت فراشا بإباحته كالزوجة . وجوابه : بأن الملك لا يتعلق به تحريم المصاهرة ، ولا ينعقد في محل يحرم الوطء فيه كالمجوسية وذوات محارمه ، فلو وطئها في الدبر لم تصر فراشا في الأشهر ; لأنه ليس بمنصوص عليه ، ولا في معناه ، ( وإن ادعى العزل ) ، لأن كل حكم تعلق بالوطء لم يعتبر فيه الإنزال فوجب ألا يعتبر [ ص: 103 ] هنا كسائر الأحكام ، وحينئذ لا ينتفي عنه بلعان ، ولا غيره . قال أحمد : الولد يكون من الريح ، قال ابن عقيل : وهذا منه يدل على أنه لم ينزل في الفرج ; لأنه لا ريح يسير إليها إلا رائحة المني ، وذلك يكون بعد إنزاله فيتعلق بها . قال : وهذا من أحمد علم عظيم ، ( إلا أن يدعي الاستبراء ) لأنه دليل على براءة الرحم . والقول قوله في حصوله ; لأنه أمر خفي ، لا يمكن الاطلاع عليه إلا بعسر ومشقة . ( وهل يحلف ؛ على وجهين ) . كذا في " المحرر " و " الفروع " .

                                                                                                                          أحدهما : لا يحلف ; لأن من قبل قوله في الاستبراء قبل بغير يمين كما لو ادعت المرأة انقضاء عدتها .

                                                                                                                          والثاني : وهو الأشهر وجزم به في " الوجيز " يستحلف للخبر ، ولأن الاستبراء غير مختص به ، أشبه سائر الحقوق . وقال أبو الحسين : أو يرى القافة . نقله الفضل ، وذكر أحمد ، عن زيد ، وابن عباس ، وأنس ، وفي " الانتصار " : ينتفي بالقافة ، لا بدعوى الاستبراء . ونقل حنبل يلزمه الولد إذا نفاه وألحقته القافة وأقر بالوطء . وعلم مما سبق أنه إذا ملكها لا تصير فراشا به ; لأنه قد يقصد بملكها التمول ، والتجارة ، والخدمة ، فلم يتعين لإرادة الوطء ، وإن أتت بولد ، ولم يعترف به لم يلحقه نسبه ; لأنه لم يولد على فراشه . قال في " الفروع " : ويتوجه احتمال في أمة تراد للتسري عادة أنها تصير فراشا بالملك . وقاله بعض متأخري المالكية لقصة عبد بن زمعة ، واحتياطا للنسب .

                                                                                                                          فرع : إذا استلحق ولدا ففي لحوق ما بعده بدون إقرار آخر وجهان ، ونصوصه تدل على أنه يلحقه لثبوت فراشه .




                                                                                                                          الخدمات العلمية