الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم لفظ من أقوالهم الحجة الدالة على بطلان ألوهية الأصنام؛ لقد قالوا: لقد علمت ما هؤلاء ينطقون أي: ليست لهم قدرة على الكلام؛ فلا قدرة على شيء؛ فليس منهم نفع مجلوب؛ ولا ضرر مدفوع؛ قال خليل الله عليه السلام: أفتعبدون من دون الله أي: مخالفين لله (تعالى)؛ معاندين له - سبحانه -؛ ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أي: شيئا من النفع؛ أو الضر؛ و "شيئا "؛ مفعول مطلق قائم مقام المصدر.

                                                          وقوله (تعالى): أفتعبدون الفاء تدل على أن ما بعدها مترتب على ما قبلها; لأنه ترتب على قولهم: ما هؤلاء ينطقون أنهم يكونوا يعبدون ما لا يملك ضرا ولا نفعا؛ والاستفهام إنكاري؛ لإنكار الواقع؛ وإنكار الواقع توبيخ؛ وهم به جديرون؛ فأي عاقل يعبد ما دونه؛ وهو حي؛ وهذا جماد لا يضر ولا ينفع؟!

                                                          وقد ترتب على هذا أن تأفف منهم؛ فدل هذا التأفف على النفور منهم عقلا؛ فهي أحجار؛ ولو كانت تماثيل منحوتة نحتا جميلا؛ فهي أحجار لا تزيد على ذلك؛ [ ص: 4890 ] وعقلا؛ لأنها تعبد ممن هو خير منها خلقا وتكوينا؛ وكان التأفف أيضا ممن يعبدونها; لأنهم حطوا عقولهم عن مستوى التفكير؛ بل عن مستوى الإنسانية المدركة التي تقدر الأشياء؛ وتعرف النافع والضار; ولذا قال عنه - عز من قائل -:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية