الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: وألنا له الحديد أن اعمل سابغات ؛ أي: جعلناه لينا؛ وأول من عمل الدروع داود؛ وكان ما يستجن به من الحديد إنما كان قطع حديد نحو هذه الجواشن. [ ص: 244 ] و " أن " ؛ ههنا؛ في تأويل التفسير؛ كأنه قيل: " وألنا له الحديد أي اعمل سابغات " ؛ بمعنى " قلنا له: اعمل سابغات " ؛ ويكون في معنى: " لأن يعمل سابغات " ؛ وتصل " أن " ؛ بلفظ الأمر؛ ومثل هذا من الكلام " أرسل إليه أن قم إلي " ؛ أي: قال: " قم إلى فلان " ؛ ويكون بمعنى: " أرسل إليه بأن يقوم إلى فلان " ؛ ومعنى " سابغات " : دروع سابغات؛ فذكر الصفة لأنها تدل على الموصوف؛ ومعنى " السابغ " : الذي يغطي كل شيء يكون عليه؛ حتى يفضل؛ وقدر في السرد ؛ " السرد " ؛ في اللغة: تقدمة شيء إلى شيء تأتي به منسقا بعضه في أثر بعض متتابعا؛ فمنه " سرد فلان الحديث " ؛ وقيل في التفسير: " السرد " : السمر؛ والستر؛ والخلق؛ وقيل: هو ألا يجعل المسمار غليظا؛ والثقب دقيقا؛ ولا يجعل المسمار دقيقا؛ والثقب واسعا؛ فيتقلقل؛ وينخلع؛ وينقصف؛ " قدر في ذلك " ؛ أي: اجعله على القصد؛ وقدر الحاجة؛ والذي جاء في التفسير غير خارج عن اللغة؛ لأن السمر تقديمك طرف الحلقة إلى طرفها الآخر؛ وزعم سيبويه أن قول العرب: " رجل سرندي " ؛ مشتق من " السرد " ؛ وذلك أن معناه: " الجريء " ؛ قال: و " الجريء " : الذي يمضي قدما. [ ص: 245 ] وتفسير وألنا له الحديد ؛ جعلناه لينا؛ كالخيوط؛ يطاوعه؛ حتى عمل الدروع.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية