الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            وأما قوله تعالى : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم ) فالمعنى أنه لما بين في هذه الأربعة أنها محرمة ، بين أن عند الاضطرار يزول ذلك التحريم ، وهذه الآية قد استقصينا تفسيرها في سورة البقرة . وقوله عقيب ذلك : ( فإن ربك غفور رحيم ) يدل على حصول الرخصة ، ثم بين تعالى أنه حرم على اليهود أشياء أخرى سوى هذه الأربعة ، وهي نوعان : الأول : أنه تعالى حرم عليهم كل ذي ظفر، وفيه مباحث :

                                                                                                                                                                                                                                            البحث الأول : قال الواحدي : في الظفر لغات ظفر بضم الفاء ، وهو أعلاها وظفر بسكون الفاء ، وظفر بكسر الظاء وسكون الفاء ، وهي قراءةالحسن وظفر بكسرهما وهي قراءة أبي السمال .

                                                                                                                                                                                                                                            البحث الثاني : قال الواحدي : اختلفوا في كل ذي ظفر الذي حرمه الله تعالى على اليهود روي عن ابن عباس : أنه الإبل فقط . وفي رواية أخرى عن ابن عباس : أنه الإبل والنعامة ، وهو قول مجاهد . وقال [ ص: 183 ] عبد الله بن مسلم : إنه كل ذي مخلب من الطير وكل ذي حافر من الدواب . ثم قال : " كذلك " قال المفسرون . وقال : وسمي الحافر ظفرا على الاستعارة . وأقول : أما حمل الظفر على الحافر فبعيد من وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن الحافر لا يكاد يسمى ظفرا .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أنه لو كان الأمر كذلك لوجب أن يقال : إنه تعالى حرم عليهم كل حيوان له حافر ، وذلك باطل لأن الآية تدل على أن الغنم والبقر مباحان لهم من حصول الحافر لهما .

                                                                                                                                                                                                                                            وإذا ثبت هذا فنقول : وجب حمل الظفر على المخالب والبراثن لأن المخالب آلات الجوارح في الاصطياد ، والبراثن آلات السباع في الاصطياد ، وعلى هذا التقدير : يدخل فيه أنواع السباع والكلاب والسنانير ، ويدخل فيه الطيور التي تصطاد لأن هذه الصفة تعم هذه الأجناس.

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية