الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وقد ذكر - سبحانه - بعد ذلك النبوة في ذرية إبراهيم؛ وذكر بعض الأنبياء: ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين أشار - سبحانه - إلى هبة الله لإبراهيم ولده إسماعيل؛ بالإشارة إلى نجاته إلى الأرض المباركة؛ مكة؛ وما حوت؛ وما حولها من منى؛ وعرفات؛ والمشعر الحرام؛ وهنا [ ص: 4894 ] يصرح بأنه وهب لإبراهيم إسحاق؛ ومن ورائه يعقوب؛ وجعلهما معا؛ مع أن إسحاق أب؛ ويعقوب ابنه؛ لأنهما كانا نبيين؛ وأن نبوتهما هبة الله؛ وتوالت النبوة والدعوة إلى هدم الأوثان؛ ابنا عن أب عن جد; ليقتلعوا عبادة الأوثان من الرؤوس التي استمكنت فيها؛ و "النافلة ": ولد الولد؛ و "نافلة "؛ وصف ليعقوب؛ لأنه ولد ولده؛ أي: وهبناه لك هبة زائدة فوق الولد; لأن إبراهيم دعا ربه؛ وقال: رب هب لي من الصالحين ؛

                                                          وهكذا نرى أن الله (تعالى) أراد لإبراهيم أن تتوارث فيه الدعوة إلى هدم الأوثان؛ لتذهب روعتها الكاذبة من نفوس الناس؛ ومحمد - صلى الله عليه وسلم - من بعده قاوم الوثنية وحده؛ ولم يكن أحد من ذريته من قاومها؛ ولكن كان من أصحابه والتابعين من قاومها؛ حتى روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل "؛ وقال (تعالى): وكلا جعلنا صالحين التنوين قائم مقام المضاف إليه؛ أي: كل واحد من الجد وابنه وحفيده جعلناه من الصالحين؛ أي: المستقيمين في طريقهم إلى الحق؛ وذكر أنهم صالحون؛ مع أنهم من المصلحين في طريق الحق والهداية إليه؛ وذلك لأن الصالح في ذات الحق لا بد أن يكون مصلحا؛ لأنه لا يتم الصلاح إلا إذا جعلنا مصلحا هاديا مرشدا داعيا إلى الحق؛ وإلى صراط مستقيم; ولذا قال (تعالى):

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية