الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3023 ) مسألة ; قال : ( وإن ظهر على عيب بعد إعتاقه لها أو موتها في ملكه ، فله الأرش ) وجملته ، أنه إذا زال ملك المشتري عن المبيع بعتق ، أو وقف ، أو موت ، أو قتل ، أو تعذر الرد ، لاستيلاد ونحوه قبل علمه بالعيب ، فله الأرش . وبهذا قال أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، إلا أن أبا حنيفة قال في المقتول خاصة : لا أرش له ; لأنه زال ملكه بفعل مضمون ، أشبه البيع . [ ص: 120 ]

                                                                                                                                            ولنا ، أنه عيب لم يرض به ، ولم يستدرك ظلامته فيه ، فكان له الأرش كما لو أعتقه ، والبيع لنا فيه منع ، ومع تسليمه فإنه استدرك ظلامته فيه . وأما الهبة ، فعن أحمد فيها روايتان ; إحداهما ، أنها كالبيع ; لأنه لم ييأس من إمكان الرد ; لاحتمال رجوع الموهوب إليه . والثانية له الأرش وهي أولى . ولم يذكر القاضي غيرها ; لأنه ما استدرك ظلامته ، فأشبه ما لو وقفه ، وإمكان الرد ليس بمانع من أخذ الأرش عندنا ; بدليل ما قبل الهبة .

                                                                                                                                            وإن أكل الطعام أو لبس الثوب ، فأتلفه ، رجع بأرشه . وبهذا قال أبو يوسف ، ومحمد . وقال أبو حنيفة : لا يرجع بشيء ; لأنه أهلك العين ، فأشبه ما لو قتل العبد . ولنا أنه ما استدرك ظلامته ، ولا رضي بالعيب ، فلم يسقط حقه من الأرش ، كما لو تلف بفعل الله تعالى .

                                                                                                                                            ( 3024 ) فصل : وإن فعل شيئا مما ذكرناه بعد علمه بالعيب ، فمفهوم كلام الخرقي : أنه لا أرش له . وهو مذهب أبي حنيفة ، والشافعي . وهو قياس قول القاضي ; لقوله في من باع المعيب عالما بعيبه : ليس له أرش ; لأنه رضي به معيبا بتصرفه فيه مع علمه بعيبه . وقياس المذهب ، أن له الأرش ; لأن له إمساك المبيع ، والمطالبة بأرشه ، وهذا يتنزل منزلة إمساكه مع العلم بعيبه .

                                                                                                                                            ولأن البائع لم يوفه ما أوجبه العقد ، فكان له الرجوع بأرشه ، كما لو أعتقه قبل علمه بعيبه . ولأن الأرش عوض الجزء الفائت بالعيب ، فلم يسقط بتصرفه فيما سواه ; كما لو باعه عشرة أقفزة ، فأقبضه تسعة ، فتصرف فيها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية