الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          [ ص: 444 ] قوله تعالى: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن آية 238

                                          قد تقدم تفسيره.

                                          قوله تعالى: وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم

                                          [2356] حدثنا أبي ، حدثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم فهو الرجل يتزوج المرأة، وقد سمى لها صداقا فطلقها قبل أن يمسها - والمس الجماع - فلها نصف صداقها، ليس لها أكثر من ذلك، وروي عن سعيد بن المسيب ، ومجاهد ، وإبراهيم ، ومقاتل بن حيان : قالوا: لها نصف الصداق.

                                          الوجه الثاني:

                                          [2357] حدثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا قرة بن خالد ، قال سمعت أبا بكر الهذلي ، سأل الحسن، عن رجل، طلق امرأته ولم يدخل بها وقد فرض لها هل لها من المتاع شيء؟ قال: نعم، والله إن لها، فقال يا أبا سعيد أوما نسختها هذه الآية وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم قال: والله ما نسختها.

                                          قوله تعالى: إلا أن يعفون

                                          [2358] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا مسدد ، ثنا إسماعيل ابن علية ، ثنا ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال: رضي الله بالعفو وأمر به، فإن عفت، فكما عفت وإن رضيت فعفا وليها جاز وإن أبت.

                                          حدثنا محمد بن عمار ، ثنا عبيد الله بن موسى ، ثنا إسرائيل ، عن السدي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله: إلا أن يعفون قال: إلا أن تعفو الثيب فتدع حقها، وروي عن شريح ، وسعيد بن المسيب ، وعكرمة ، ومجاهد ، والشعبي ، والحسن ، ونافع ، وقتادة ، وجابر بن زيد ، وعطاء الخراساني ، والضحاك ، والزهري ، ومقاتل بن حيان ، ومحمد بن سيرين ، والربيع بن أنس ، والسدي ، نحو ذلك. وخالفهم محمد بن كعب فقال: إلا أن يعفون يعني الرجال. وهو قول شاذ لم يتابع عليه.

                                          [ ص: 445 ] قوله تعالى: أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح

                                          [2359] ذكر عن ابن لهيعة ، حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ولي عقدة النكاح: الزوج ".

                                          [2360] حدثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا جرير بن حازم ، عن عيسى بن عاصم ، قال: سمعت شريحا يقول: سألني علي بن أبي طالب عن الذي بيده عقدة النكاح. فقلت: هو ولي المرأة. فقال علي: لا بل هو الزوج.

                                          وفي إحدى الروايات عن ابن عباس ، وجبير بن مطعم ، وسعيد بن المسيب ، وشريح في أحد قوليه، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشعبي ، وعكرمة ، ونافع ، ومحمد بن سيرين ، والضحاك ، ومحمد بن كعب القرظي ، وجابر بن زيد ، وأبي مجلز ، والربيع بن أنس ، وإياس بن معاوية ، ومكحول ، ومقاتل بن حيان ، أنه الزوج.

                                          الوجه الثاني:

                                          [2361] حدثنا أبي ، ثنا ابن أبي مريم ، ثنا محمد بن مسلم ، حدثني عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، في الذي ذكر الله بيده عقدة النكاح قال: ذلك أبوها وأخوها، أو من لا تنكح إلا بإذنه.

                                          وروي عن علقمة ، والحسن ، وعطاء ، وطاووس ، والزهري ، وربيعة ، وزيد بن أسلم ، وإبراهيم النخعي ، وعكرمة في أحد قوليه، ومحمد بن سيرين ، في أحد قوليه، إنه الولي.

                                          قوله: وأن تعفوا أقرب للتقوى

                                          [2362] أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، قال ابن وهب : سمعت ابن جريج ، يحدث عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس قال: أقربهما إلى التقوى الذي يعفو. وروي عن عطاء ، نحو ذلك.

                                          [ ص: 446 ] [2363] قرأت على محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ، أنبأ محمد بن مزاحم ، عن بكير، عن مقاتل وأن تعفوا أقرب للتقوى يعني بذلك الزوج والمرأة جميعا، أمرهما أن يستبقا في العفو وفيه الفضل.

                                          [2364] حدثنا أبي ، ثنا حفص بن عمر الدوري ، ثنا أبو إسماعيل المؤدب ، عن عاصم الأحول ، عن أبي العالية زياد بن فيروز ، عن طلق بن حبيب ، أنه قال له بكر بن عبد الله : ألا تجمع لنا التقوى في كلام يسير ترويه؟ فقال طلق: التقوى: أن تعمل بطاعة الله رجاء رحمة الله، على نور من الله، والتقوى: أن تترك معصية الله مخافة عذاب الله، على نور من الله.

                                          قوله تعالى: ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير

                                          [2365] حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، ثنا يزيد بن هارون ، أنبأ هشيم ، عن صالح بن رستم ، عن رجل من بني تميم ، عن علي رضي الله عنه قال: يوشك أن يأتي على الناس زمان عضوض، يعض الموسر فيه، على ما في يده، وينسى الفضل، وقد نهى الله عن ذلك، قال الله تعالى: ولا تنسوا الفضل بينكم

                                          الوجه الثاني:

                                          [2366] حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله: ولا تنسوا الفضل بينكم إتمام الرجل الصداق، وترك المرأة شطرها، وروي عن الضحاك ، ومقاتل بن حيان ، والربيع بن أنس نحو ذلك.

                                          والوجه الثالث:

                                          [2367] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو أسامة ، عن الزبرقان ، عن أبي وائل في قوله: ولا تنسوا الفضل بينكم قال: هو الرجل يتزوج فيعينه أو المكاتب فيعينه وأشباه هذا من العطية.

                                          [2368] أخبرنا موسى بن هارون الطوسي فيما كتب إلي، ثنا الحسين بن محمد المروذي ، ثنا شيبان ، عن قتادة قوله: ولا تنسوا الفضل بينكم قال: يحثهم على الفضل والمعروف ويرغبهم فيه، وروي عن السدي ، نحو ذلك.

                                          [ ص: 447 ] [2369] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محلم ، ثنا عبد الكبير بن عبد المجيد الحنفي ، ثنا عباد بن منصور ، قال: سألت الحسن عن قوله: ولا تنسوا الفضل بينكم قال: الفضل في كل شيء أمرهم أن يلقوا بعضهم عن بعض فيأخذوا بالفضل بينهم ويتعاطوه، ويرحم بعضهم على بعض من الفضل كله، والعفو والنفقة، وكل شيء يكون بين الناس.

                                          الوجه الرابع:

                                          كتب إلي أحمد بن محمد بن جبال بن حماد بن فرقد البلخي القهندزي ، ثنا عمر بن عبد الغفار ، ثنا سفيان ، عن أبي هارون ، قال رأيت عون بن عبد الله في مجلس القرظي ، فكان عون يحدثنا، ولحيته ترش من البكاء ويقول: صحبت الأغنياء، فكنت من أكثرهم هما حين رأيتهم أحسن ثيابا وأطيب ريحا وأحسن مركبا مني فجالست الفقراء فاسترحت. وقال: لا تنسوا الفضل بينكم، إذا أتى أحدكم السائل وليس عنده شيء فليدع له.

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية