الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب حكم أموال المسلمين إذا أخذها الكفار ثم أخذت منهم 3396 - ( عن عمران بن الحصين قال : { أسرت امرأة من الأنصار وأصيبت العضباء فكانت المرأة في الوثاق وكان القوم يريحون نعمهم بين يدي بيوتهم ، فانفلتت ذات ليلة من الوثاق ، فأتت الإبل فجعلت إذا دنت من البعير رغا ، فتتركه حتى تنتهي إلى العضباء فلم ترغ ، قال : وهي ناقة منوقة ، وفي رواية : مدربة ، فقعدت في عجزها ثم زجرتها فانطلقت ، ونذروا بها فأعجزتهم ، قال : ونذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها ، فلما قدمت المدينة رآها الناس ، فقالوا : العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إنها نذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك ، فقال : سبحان الله بئسما جزتها نذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها ، لا وفاء لنذر في معصية ، ولا فيما لا يملك العبد } رواه أحمد ومسلم ) .

                                                                                                                                            3397 - ( وعن ابن عمر : أنه ذهب فرس له ، فأخذه العدو فظهر عليهم المسلمون ، فرد عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبق عبد له فلحق بأرض الروم ، [ ص: 343 ] وظهر عليهم المسلمون فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري وأبو داود وابن ماجه .

                                                                                                                                            وفي رواية : { أن غلاما لابن عمر أبق إلى العدو فظهر عليه المسلمون ، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمر ولم يقسم } . رواه أبو داود ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( العضباء ) بفتح العين المهملة وسكون الضاد المعجمة بعدها موحدة : وهي ناقة النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( فانفلتت ) بالنون والفاء : أي المرأة قوله : ( منوقة ) بالنون والقاف : أي مدللة قوله : ( مدربة ) بالدال المهملة والراء المشددة المفتوحة بعدها موحدة : وهي المؤدبة المعودة للركوب ، والتدريب مأخوذ من الدربة : وهي المعرفة بالشيء قوله : ( ونذروا بها ) بضم النون وكسر الذال المعجمة : أي علموا بها .

                                                                                                                                            وفي شرح النووي هو بفتح النون ، قوله : ( لا وفاء لنذر في معصية الله ) سيأتي الكلام على هذا في كتاب النذور إن شاء الله قوله : ( ذهب فرس له فأخذه ) في رواية الكشميهني " ذهبت فأخذها " والفرس اسم جنس يذكر ويؤنث قوله : ( في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) كذا وقع في رواية ابن نمير أن قصة الفرس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقصة العبد بعد النبي صلى الله عليه وسلم . وخالفه يحيى القطان عن عبيد الله العمري فجعلها بعد النبي صلى الله عليه وسلم كما في رواية البخاري ، وكذا وقع في رواية موسى بن عقبة بن نافع ، وصرح بأن قصة الفرس كانت في زمن أبي بكر . وقد وافق ابن نمير إسماعيل بن زكريا أخرجه الإسماعيلي من طريقه ، وأخرجه من طريق ابن المبارك عن عبيد الله فلم يعين الزمان لكن قال في روايته " إنه افتدى الغلام بروميتين " وكأن هذا الاختلاف هو السبب في ترك البخاري الجزم في الترجمة على هذا الحديث فإنه قال " باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم " أي هل يكون أحق به أو يدخل في الغنيمة ولكنه يمكن الاحتجاج بوقوع ذلك في زمن أبي بكر والصحابة متوافرون من غير نكير منهم .

                                                                                                                                            وقد اختلف أهل العلم في ذلك ، فقال الشافعي وجماعة : لا يملك أهل الحرب بالغلبة شيئا من المسلمين ، ولصاحبه أخذه قبل القسمة وبعدها . وعن علي والزهري وعمرو بن دينار والحسن لا يرد أصلا ، ويختص به أهل المغانم . وقال عمر وسليمان بن ربيعة وعطاء والليث ومالك وأحمد وآخرون وهي رواية عن الحسن أيضا ، ونقلها ابن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء السبعة : إن وجده صاحبه قبل القسمة فهو أحق به ، وإن وجده بعد القسمة فلا يأخذه إلا بالقيمة . واحتجوا بحديث عن ابن عباس مرفوع بهذا التفصيل أخرجه الدارقطني وإسناده ضعيف جدا . وإلى هذا التفصيل ذهبت الهادوية ، وعن أبي حنيفة كقول مالك إلا في الآبق ، فقال هو والثوري : صاحبه أحق به مطلقا .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية