الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          قصص أنبياء من أولاد يعقوب كانوا بعد موسى

                                                          وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين الواو وصلة الأخبار في قصص النبيين؛ و "داود "؛ منصوب بفعل محذوف؛ تقديره: "اذكر "؛ والمخاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - تسرية له في الشدائد والكروب التي كان فيها؛ وهي تسرية فيها أخبار جدية؛ تبين أحكاما لنظام الحق وإدراكه؛ فهي ليست تسرية بلهو؛ بل هي أخبار فيها طرافة؛ وفيها تنبيه لتنظيم العدالة والتفكير.

                                                          إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم "إذ "؛ الأولى تتعلق بالفعل المحذوف "اذكر "؛ و "إذ "؛ الثانية متعلقة بـ "يحكمان "؛ "الحرث ": الأرض المزروعة؛ سميت بمصدر "حرث؛ يحرث "؛ وهو قلب الأرض؛ ويطلق الحرث على الأرض المحروثة؛ وعلى الزرع نفسه؛ و "نفشت فيه غنم القوم "؛ أي: انتشرت فيه الغنم فأتلفته؛ وأصبح غير ذي قيمة؛ وقد تحاكم الخصمان؛ صاحب الحرث؛ وصاحب الغنم؛ إلى داود - عليه السلام. [ ص: 4900 ] وجاءت الروايات بأن داود - عليه السلام - حكم بأن يأخذ صاحب الحرث الغنم في مقابل ما أتلفت الغنم من الحرث؛ وكانت القيمتان متقاربتين.

                                                          ولكن سليمان - عليه السلام - رأى أن خيرا من هذا أن يأخذ صاحب الحرث الغنم تدر عليه لبنها؛ ويستولي على منافعها؛ ويأخذ الآخر الأرض يحرثها؛ وكأن أجرة الأرض تكون هي منافع الغنم؛ وردها.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية