الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد عهدنا إلى آدم كلام مستأنف مسوق لتقرير ما سبق من تصريف الوعيد في القرآن ، وبيان أن أساس بني آدم على العصيان وعرقه راسخ في النسيان ، مع ما فيه من انجاز الموعود في قوله تعالى : كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق يقال : عهد إليه الملك وعزم عليه وتقدم إليه : إذا أمره ووصاه ، والمعهود محذوف يدل عليه ما بعده ، واللام جواب قسم محذوف ، أي : وأقسم أو وبالله أو تالله لقد أمرناه ووصيناه .

                                                                                                                                                                                                                                      من قبل أي : من قبل هذا الزمان فنسي أي : العهد ، ولم يعتن به حتى غفل عنه ، أو تركه ترك المنسي عنه . وقرئ : "فنسي" أي : نساه الشيطان . ولم نجد له عزما [ ص: 45 ] تصميم رأي وثبات قدم في الأمور ، إذ لو كان كذلك لما أزله الشيطان ، ولما استطاع أن يغره ، وقد كان ذلك منه عليه السلام في بدء أمره من قبل أن يجرب الأمور ويتولى حارها وقارها ويذوق شريها وأريها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : "لو وزنت أحلام بني آدم بحلم آدم لرجح حلمه ، وقد قال الله تعالى ولم نجد له عزما وقيل : عزما على الذنب فإنه أخطأ ولم يتعمد ، وقوله تعالى : "ولم نجد" إن كان من الوجود العلمي فله عزما مفعولا قدم الثاني على الأول لكونه ظرفا ، وإن كان من الوجود المقابل للعدم وهو الأنسب لأن مصب الفائدة هو المفعول وليس في الإخبار بكون العزم المعدوم له مزيد مزية فله متعلق به قدم على مفعوله لما مر مرارا من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ، أو بمحذوف هو حال من مفعوله المنكر ، كأنه قيل : ولم نصادف له عزما .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية