الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويحرم تعاطيهما بيعا فاسدا ، فلا يملك به ، لأنه نعمة ولا ينفذ تصرفه ، وخرج فيه أبو الخطاب من طلاق في نكاح فاسد ، وهو كمغصوب .

                                                                                                          وقال ابن عقيل وغيره : كمقبوض للسوم ، ومنه خرج ابن الزاغوني : لا يضمنه ، وذكروا في ضمانه روايتين ، نقل أبو طالب وحرب وغيرهما عدمه ، فإن قبضه بثمن مستقر ضمنه به إن صح بيع معاطاة . وقد نقل حرب وغيره فيمن قال بعني هذا فقال خذه بما شئت فأخذه فمات بيده قال : هو من مال بائعه ، لأنه ملكه حتى يقطع ثمنه ، ونقل [ ص: 143 ] حنبل : إذا ضاع من المشتري ولم يقطع ثمنه أو قطع ثمنه لزمه ، ونقل ابن مشيش ، فيمن قال بعينه فقال خذه بما شئت فأخذه فمات بيده : يضمنه ربه هذا بعد لم يملكه ( م 5 ) قال صاحب المحرر : يدل على أنه أمانة وأنه يخرج مثله في بيع خيار على قولنا لا يملكه .

                                                                                                          وقال تضمينه منافعه [ ص: 144 ] كزيادة وأولى ، وسوم إجارة كبيع في الانتصار ( م 6 )

                                                                                                          [ ص: 143 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 143 ] مسألة 5 ) قوله : وذكروا في ضمانه روايتين يعني في ضمان المقبوض على وجه السوم نقل حرب وأبو طالب وغيرهما عدمه ، فإن قبضه بثمن مستقر ضمنه به ، إن صح بيع معاطاة ، وقد نقل حرب وغيره فيمن قال بعني هذا فقال خذه بما شئت فأخذه فمات بيده قال : هو من مال بائعه ، لأنه ملكه حتى يقطع ثمنه . ونقل حنبل : إذا ضاع من المشتري ولم يقطع ثمنه أو قطع ثمنه لزمه . ونقل ابن مشيش فيمن قال بعني هذا فقال خذه بما شئت فأخذه فمات بيده : يضمنه ربه هذا بعد لم يملكه . انتهى كلام المصنف . قال في القواعد الفقهية : من الأصحاب من حكى في ضمانه روايتين ، سواء أخذ بتقدير الثمن أو بدونه ، وهي طريقة القاضي وابن عقيل ، وصحح الضمان لأنه مقبوض على وجه البدل والعوض ، فهو كمقبوض بعقد فاسد ، انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) : ذكر كثير من الأصحاب في المقبوض على وجه السوم ثلاث صور : ( الأولى ) أن يساوم إنسانا في ثوب أو نحوه ويقطع ثمنه ثم يقبضه ليريه أهله فإن رضوه وإلا رده فيتلف ، ففي هذه الصورة يضمن إن صح بيع المعاطاة ، والصحيح من المذهب صحة بيع المعاطاة ، وقطع بالضمان في هذه الصورة في المستوعب والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم ، وهو ظاهر كلام المصنف هنا . قال ابن أبي موسى : يضمنه بغير خلاف . قال ابن رجب : وهذا يدل على أنه يجري فيه الخلاف إذا قلنا إنه لم ينعقد البيع بذلك . وفي كلام أحمد إيماء إلى ذلك . [ ص: 144 ]

                                                                                                          ( الثانية ) لو ساومه وأخذه ليريه أهله إن رضوه وإلا رده من غير قطع ثمنه فيتلف ففي ضمانه روايتان ، وأطلقهما في المستوعب والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم : ( إحداهما ) يضمنه القابض ، وهو الصحيح ، جزم به في الوجيز في باب الضمان . قال ابن أبي موسى : فهو مضمون ، بغير خلاف ، نقل عن الإمام أحمد : هو من ضمان قابضه كالعارية .

                                                                                                          ( والرواية الثانية ) لا يضمنه . قال في الحاويين : نقل ابن منصور وغيره : هو من ضمان المالك كالرهن وما يقبضه الأجير .

                                                                                                          ( الثالثة ) لو أخذه بإذن ربه ليريه أهله إن رضوه اشتراه وإلا رده فتلف من غير تفريط لم يضمن ، قال ابن أبي موسى : هذا أظهر عنه ، وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاويين والفائق فقال : لا ضمان عليه ، في أظهر الروايتين ، انتهى . وعنه : يضمنه بقيمته .

                                                                                                          ( مسألة 6 ) قوله : وسوم إجارة كبيع في الانتصار ، انتهى . قد علمت حكم المقبوض على وجه السوم في البيع ، فكذا يكون في الإجارة على ما قاله في الانتصار ولم يخالفه المصنف ، ولا نقل غيره عن غيره .




                                                                                                          الخدمات العلمية