الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان : الشيخ علاء الدين بن غانم ، أبو الحسن علي بن محمد بن سليمان بن حمائل بن علي المقدسي ، أحد الكتاب المشهورين بالفضائل ، وحسن الترسل ، وكثرة الأدب والأشعار ، والمروءة التامة ، مولده سنة إحدى وخمسين وستمائة ، وسمع الحديث الكثير ، وحفظ القرآن ، و " التنبيه " ، وباشر الجهات ، وقصده الناس في الأمور المهمات ، وكان كثير الإحسان إلى الخاص والعام ، توفي مرجعه في الحج في منزلة تبوك يوم الخميس ثالث عشر المحرم ، ودفن هناك ، رحمه الله ، ثم تبعه أخوه شهاب الدين أحمد في شهر رمضان ، وكان أصغر [ ص: 395 ] منه سنا بسنة ، وكان فاضلا أيضا ، بارعا ، كثير الديانة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشرف محمود الحريري ، المؤذن بالجامع الأموي ، بنى حماما بالنيرب ، ومات في أواخر المحرم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الصالح العابد ناصر الدين محمد ابن الشيخ إبراهيم بن معضاد بن شداد بن ماجد بن مالك الجعبري ثم المصري ، ولد سنة خمسين وستمائة بقلعة جعبر ، وسمع " صحيح مسلم " وغيره ، وكان يتكلم على الناس ويعظهم ، ويستحضر أشياء كثيرة من التفسير وغيره ، كان فيه صلاح وعبادة ، توفي في الرابع والعشرين من المحرم ، ودفن بزاويتهم عند والده خارج باب النصر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ شهاب الدين بن عبد الحق الحنفي ، أحمد بن علي بن أحمد بن علي بن يوسف بن قاضي الحصن ، ويعرف بابن عبد الحق الحنفي ، شيخ المذهب ومدرس الحنفية وغيرها ، وكان بارعا فاضلا دينا ، توفي في ربيع الأول .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ عماد الدين إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة [ ص: 396 ] المقدسي النابلسي الحنبلي ، الإمام العالم العابد ، شيخ الحنابلة بها ، ومفتيهم من مدة طويلة ، توفي في ربيع الأول .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الإمام العابد الناسك محب الدين عبد الله بن أحمد بن المحب عبد الله بن أحمد بن أبي بكر محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور المقدسي الحنبلي ، سمع الكثير ، وقرأ بنفسه ، وكتب الطباق ، وانتفع الناس به ، وكانت له مجالس وعظ من الكتاب والسنة في الجامع الأموي وغيره ، وله صوت طيب بالقراءة جدا ، وعليه روح وسكينة ووقار ، وكانت مواعيده مفيدة ينتفع بها الناس ، وكان شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية يحبه ويحب قراءته ، توفي يوم الاثنين سابع ربيع الأول ، وكانت جنازته حافلة ، ودفن بقاسيون ، وشهد الناس له بالخير ، رحمه الله تعالى ، وبلغ خمسا وخمسين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      المحدث البارع المحصل المفيد المخرج المجيد ، ناصر الدين محمد بن طغريل بن عبد الله الصيرفي أبوه ، الخوارزمي الأصل ، سمع الكثير ، وقرأ بنفسه ، وكان سريع القراءة ، قرأ الكتب الكبار والصغار ، وجمع وخرج شيئا كثيرا ، وكان [ ص: 397 ] بارعا في هذا الشأن ، رحل فأدركته منيته بحماة يوم السبت ثاني عشر ربيع الأول ، ودفن من الغد بمقابر طيبة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      شيخنا الإمام العالم العابد شمس الدين أبو محمد عبد الله بن العفيف محمد ابن الشيخ تقي الدين يوسف بن عبد المنعم بن نعمة المقدسي النابلسي الحنبلي ، إمام مسجد الحنابلة بها ، ولد سنة تسع وأربعين وستمائة ، وسمع الكثير ، وكان كثير العبادة ، حسن الصوت ، عليه البهاء والوقار وحسن الشكل والسمت ، قرأت عليه عام ثلاث وثلاثين وسبعمائة - مرجعنا من القدس الشريف - كثيرا من الأجزاء والفوائد ، وهو والد صاحبنا الشيخ جمال الدين يوسف أحد مفتي الحنابلة وغيرهم ، والمشهورين بالخير والصلاح ، توفي يوم الخميس ثاني عشرين ربيع الآخر ، ودفن هناك ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ محمد بن عبد الله بن المجد إبراهيم المرشدي ، المقيم بمنية مرشد ، يقصده الناس للزيارة ، ويضيف الناس على حسب مراتبهم ، وينفق نفقات كثيرة جدا ، ولم يكن يأخذ من أحد شيئا فيما يبدو للناس ، والله أعلم بحاله ، وأصله من قرية دهروط ، وأقام بالقاهرة مدة ، واشتغل بها ، ويقال : إنه قرأ " التنبيه " في الفقه ، ثم انقطع بمنية مرشد ، واشتهر أمره في [ ص: 398 ] الناس ، وحج مرات ، وكان إذا دخل القاهرة يزدحم عليه الناس ، ثم كانت وفاته يوم الخميس ثامن رمضان ، ودفن بزاويته ، وصلي عليه بالقاهرة ودمشق وغير ذلك من البلاد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير أسد الدين عبد القادر بن المغيث عبد العزيز ابن الملك المعظم عيسى بن العادل ، ولد سنة ثنتين وأربعين وستمائة ، وسمع الكثير وأسمع ، وكان يأتي كل سنة من مصر إلى دمشق ، ويكرم أهل الحديث ، ولم يبق من بعده من بني أيوب أعلى سنا منه ، توفي بالرملة في سلخ رمضان ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الصالح الفاضل حسين بن إبراهيم بن حسين الجاكي الحكري ، إمام مسجد هناك ، ومذكر الناس في كل جمعة ، ولديه فضائل ، وفي كلامه نفع كثير ، إلى أن توفي في العشرين من شوال ، ولم ير الناس مثل جنازته بديار مصر ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية