الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3414 باب: في هدايا الأمراء

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب تحريم هدايا العمال) .

                                                                                                                              وفي المنتقى: ( باب ما يهدى للأمير والعامل، أو يؤخذ من مباحات دار الحرب) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص220 ج12 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي حميد الساعدي; قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجلا من الأزد، على صدقات بني سليم، يدعى: ( ابن اللتبية) . فلما جاء حاسبه; قال هذا مالكم. وهذا هدية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فهلا جلست في بيت أبيك وأمك، حتى تأتيك هديتك، إن كنت صادقا!" ثم خطبنا; فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد! فإني أستعمل الرجل منكم على العمل، مما ولاني الله، فيأتي، فيقول: هذا لكم. وهذا هدية; أهديت لي. أفلا جلس في بيت أبيه وأمه، حتى تأتيه [ ص: 308 ] هديته، إن كان صادقا؟ والله! لا يأخذ أحد منكم منها شيئا بغير حقه، إلا لقي الله تعالى، يحمله يوم القيامة. فلأعرفن أحدا منكم لقي الله، يحمل بعيرا له رغاء. أو بقرة لها خوار. أو شاة تيعر". ثم رفع يديه، حتى رئي بياض إبطيه، ثم قال: "اللهم! هل بلغت؟" بصر عيني. وسمع أذني ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              ( عن أبي حميد الساعدي) رضي الله عنه; ( قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا من الأسد) ، بإسكان السين. ويقال له: "الأزدي" من: "أزد شنوءة" ويقال لهم: الأسد. والأزد.

                                                                                                                              ( على صدقات بني سليم، يدعى: "ابن اللتبية") بضم اللام وإسكان التاء. ومنهم من فتحها. قالوا: وهو خطأ. ومنهم من يقول بفتحها . وكذا وقع في مسلم ; في رواية " أبي كريب ". قالوا: وهو خطأ أيضا. والصواب: "اللتبية" بإسكانها. نسبة إلى "بني لتب" قبيلة معروفة. واسم ابن اللتبية هذا: "عبد الله".

                                                                                                                              ( فلما جاء، حاسبه) .

                                                                                                                              [ ص: 309 ] فيه: محاسبة العمال، ليعلم ما قبضوه وما صرفوا.

                                                                                                                              ( قال: هذا مالكم. وهذا هدية. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "فهلا جلست في بيت أبيك وأمك، حتى تأتيك هديتك، إن كنت صادقا!") .

                                                                                                                              في هذا الحديث: بيان أن "هدايا العمال" حرام. وقد بين في نفس الحديث: السبب في تحريمها عليه. وأنها بسبب الولاية. بخلاف الهدية لغير العامل، فإنها مستحبة. وحكم ما يقبضه العامل ونحوه، باسم الهدية: أن يرد إلى مهديه. فإن تعذر، فإلى بيت المال.

                                                                                                                              ( ثم خطبنا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد! فإني أستعمل الرجل منكم على العمل، مما ولاني الله، فيأتيني ، فيقول: هذا مالكم . وهذا هدية، أهديت لي. أفلا جلس في بيت أبيه وأمه، حتى تأتيه هديته، إن كان صادقا؟ والله! لا يأخذ أحد منكم منها شيئا بغير حقه، إلا لقي الله تعالى، يحمله يوم القيامة. فلأعرفن) وفي بعض النسخ: "لا أعرفن" بالألف على النفي . قال عياض : هذا أشهر. قال: والأول هو رواية أكثر رواة صحيح مسلم.

                                                                                                                              [ ص: 310 ] ( أحدا منكم لقي الله، يحمل بعيرا له رغاء. أو بقرة لها خوار. أو شاة تيعر) بفتح التاء وسكون الياء، وكسر العين وفتحها. ومعناه: "تصيح". واليعار: صوت الشاة.

                                                                                                                              ( ثم رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه) . وفي رواية أخرى: "حتى رأينا عفرتي إبطيه". "وعفرة الإبط" هي البياض، ليس بالناصع. بل فيه شيء كلون الأرض.

                                                                                                                              ( يقول: "اللهم! هل بلغت؟". بصر عيني، وسمع أذني) . معناه: أعلم هذا الكلام يقينا. وأبصرت عيني النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حين تكلم به. وسمعته أذني. فلا شك في علمي به.

                                                                                                                              ظاهر هذا الحديث: المنع من الزيادة على المفروض للعامل، من غير فرق بين ما كان من الصدقات المأخوذة من أرباب الأموال، أو من أربابها على طريق الهدية، أو الرشوة.




                                                                                                                              الخدمات العلمية