الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تمدن عينيك أي : لا تطل نظرهما بطريق الرغبة والميل إلى ما متعنا به من زخارف الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : أزواجا منهم أي : أصناما من الكفرة مفعول "متعنا" قدم عليه الجار والمجرور للاعتناء به ، أو هو حال من الضمير ، والمفعول "منهم" أي : إلى الذي متعنا به ، وهو أصناف وأنواع بعضهم على أنه معنى من التبعيضية ، أو بعضا منهم على حذف الموصوف كما مر مرارا .

                                                                                                                                                                                                                                      زهرة الحياة الدنيا منصوب بمحذوف يدل عليه "متعنا" ، أي : أعطينا ، أو "به" على تضمين معناه ، أو بالبدلية من محل "به" أو من "أزواجا" بتقدير مضاف أو بدونه ، أو بالذم وهي الزينة والبهجة . وقرئ : "زهرة" بفتح الهاء ، وهي لغة كالجهرة في الجهرة ، أو جمع زاهر وصف لهم بأنهم زاهر والدنيا لتنعمهم وبهاء زيهم بخلاف ما عليه المؤمنون الزهاد .

                                                                                                                                                                                                                                      لنفتنهم فيه متعلق بمتعنا جيء به للتنفير عنه ببيان سوء عاقبته مآلا إثر إظهار بهجته حالا ، أي : لنعاملهم معاملة من يبتليهم ويختبرهم فيه أو لنعذبهم في الآخرة بسببه . ورزق ربك أي : ما ادخر لك في الآخرة أو ما رزقك في الدنيا من النبوة والهدى خير مما منحهم في الدنيا لأنه مع كونه [ ص: 51 ] في نفسه أجل ما يتنافس فيه المتنافسون مأمون الغائلة بخلاف ما منحوه . وأبقى فإنه لا يكاد ينقطع نفسه أو أثره أبدا كما عليه زهرة الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية