الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ، ثنا يعقوب بن حميد ، ثنا إبراهيم بن عيينة ، عن إسماعيل بن رافع ، عن ثعلبة بن صالح ، عن رجل من أهل الشام ، عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا معاذ انطلق فارحل راحلتك ثم إيتني أبعثك إلى اليمن . فانطلقت فرحلت راحلتي ثم جئت فوقفت بباب المسجد حتى أذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ بيدي ثم مضى معي ، فقال : يا معاذ إني أوصيك [ ص: 241 ] بتقوى الله وصدق الحديث ووفاء بالعهد وأداء الأمانة وترك الخيانة ورحمة اليتيم وحفظ الجار وكظم الغيظ وخفض الجناح وبذل السلام ولين الكلام ولزوم الإيمان والتفقه في القرآن وحب الآخرة والجزع من الحساب وقصر الأمل وحسن العمل . وأنهاك أن تشتم مسلما أو تكذب صادقا أو تصدق كاذبا أو تعصي إماما عادلا ، يا معاذ اذكر الله عند كل حجر وشجر ، وأحدث مع كل ذنب توبة ، السر بالسر والعلانية بالعلانية ) .

              رواه ابن عمر نحوه .

              أخبرناه الحسن بن منصور الحمصي في كتابه ، ثنا الحسن بن معروف ، ثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، ثنا أبي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن عمر رضي الله تعالى عنه ، قال : لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث معاذ بن جبل إلى اليمن ، ركب معاذ رضي الله تعالى عنه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي إلى جانبه يوصيه ، فقال : ( يا معاذ أوصيك وصية الأخ الشفيق ، أوصيك بتقوى الله ) فذكر نحوه وزاد : ( وعد المريض وأسرع في حوائج الأرامل والضعفاء ، وجالس الفقراء والمساكين ، وأنصف الناس من نفسك ، وقل الحق ولا تأخذك في الله لومة لائم ) .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، عن حيوة بن شريح ، قال : سمعت عقبة بن مسلم التجيبي يقول : حدثني أبو عبد الرحمن الحبلي ، عن الصنابحي ، عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه ، قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بيدي ثم قال : ( يا معاذ والله إني لأحبك ، فقال له معاذ : بأبي وأمي يا رسول الله ، وأنا والله أحبك . فقال : أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) . وأوصى به معاذ الصنابحي وأوصى الصنابحي أبا عبد الرحمن وأوصى أبو عبد الرحمن عقبة وأوصى عقبة حيوة وأوصى حيوة أبا عبد الرحمن المقرئ ، وأوصى أبو عبد الرحمن المقرئ بشر بن موسى ، وأوصى بشر بن موسى محمد بن أحمد بن الحسن ، وأوصاني محمد بن أحمد بن الحسن .

              قال الشيخ رحمه الله : وأنا أوصيكم به .

              [ ص: 242 ] حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا دليل بن إبراهيم بن دليل ، ثنا عبد العزيز بن منيب ، ثنا إسحاق بن عبد الله بن كيسان ، عن أبيه ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك : أن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( كيف أصبحت يا معاذ ؟ قال : أصبحت مؤمنا بالله تعالى ، قال : إن لكل قول مصداقا ولكل حق حقيقة ، فما مصداق ما تقول ؟ قال : يا نبي الله ما أصبحت صباحا قط إلا ظننت أني لا أمسي وما أمسيت مساء قط إلا ظننت أني لا أصبح ، ولا خطوت خطوة إلا ظننت أني لا أتبعها أخرى ، وكأني أنظر إلى كل أمة جاثية تدعى إلى كتابها ، معها نبيها وأوثانها التي كانت تعبد من دون الله ، وكأني أنظر إلى عقوبة أهل النار وثواب أهل الجنة . قال : عرفت فالزم ) .

              حدثنا فاروق بن عبد الكبير الخطابي ، ثنا أبو مسلم الكشي ، ثنا أبو عمرو الحوضي ، ثنا الضحاك بن يسار ، ثنا القاسم بن مخيمرة ، عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه ، أنه قال ليالي قدم من اليمن سأله النبي صلى الله عليه وسلم : ( كيف تركت الناس بعدك ؟ قال : تركتهم لا هم لهم إلا هم البهائم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كيف أنت إذا بقيت في قوم علموا ما جهل هؤلاء وهمهم مثل هم هؤلاء ؟ ) .

              حدثنا أحمد بن يعقوب المهرجان ، ثنا الحسن بن محمد بن نصر ، ثنا محمد بن عثمان العقيلي ، ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي ، ثنا الخليل بن مرة ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن مالك بن يخامر ، عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه ، قال : تصديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف ، فقلت : يا رسول الله : أرنا شر الناس ، فقال : ( سلوا عن الخير ولا تسألوا عن الشر ، شرار الناس شرار العلماء في الناس ) .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية