الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 4937 ] معاني السورة الكريمة

                                                          هول يوم القيامة.. وجدل الناس حولها

                                                          قال الله (تعالى): يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير

                                                          ذكر الله (تعالى) هول يوم البعث؛ حيث تزلزل القلوب؛ والأرض؛ فإذا زلزلت الأرض زلزالها اضطربت مع هذه الزلزلة القلوب والنفوس؛ وزاغت الأبصار؛ واضطربت الأفئدة.

                                                          يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يا أيها الناس اتقوا ربكم النداء للناس أجمعين؛ في عصر النبوة; عربا؛ وعجما؛ أبيض؛ وأسود؛ وأحمر؛ الحاضرين في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ومن جاء بعدهم؛ فالخطاب لهم؛ بناء على أن ما ثبت للحاضرين يثبت على المقبلين؛ بقانون المساواة؛ الذي يثبت تساوي الناس في التكليف؛ وإنه لا يرفع الخطاب إلا عمن ليس أهلا للخطاب؛ اتقوا ربكم أي: ادرعوا لباس التقوى؛ ولتمتلئ نفوسكم باتقاء عذاب الله (تعالى)؛ وخشيته - سبحانه -؛ فخشية الله درع المؤمن؛ ووقايته من النار؛ [ ص: 4938 ] وقوله (تعالى): إن زلزلة الساعة شيء عظيم "الزلزلة ": الحركة الشديدة العنيفة؛ وترديدها مرة بعد أخرى؛ وقيل: إنها تكرار لـ "زل "؛ أي: أنها تتحرك بزوال ثم تعود؛ فتضطرب الأرض؛ كما قال (تعالى): إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره

                                                          و زلزلة الساعة من إضافة المصدر إلى ظرفه؛ أي: الزلزلة التي تكون في يوم الساعة؛ وهو يوم القيامة؛ وعبر عن ذلك اليوم بالساعة; لأنه يكون ساعة شديدة خطيرة؛ لها ما بعدها من هول أعظم؛ وحساب وعقاب؛ وقد عبر الله - سبحانه - عن هذه الزلزلة بقوله: إن زلزلة الساعة شيء عظيم أي أنها شديدة شدة لا يكتنه كنهها؛ ولا يعبر عنها إلا بأنها "شيء عظيم "؛ فالشيء اسم لكل شديد؛ أي أن الألفاظ تضيق عن معانيها؛ فلا يتسع لها لفظ إلا ما يكون لفظا عاما غير محدود؛ لأن شدتها غير محدودة؛ ولا يحدها نطاق.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية