الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين آمنوا أخرج ابن أبي حاتم والطبراني في (الكبير) من حديث جندب بن عبد الله، أنها نزلت في السرية، لما ظن بهم أنهم إن سلموا من الإثم فليس لهم أجر. والذين هاجروا أي: فارقوا أوطانهم، وأصله من الهجر ضد الوصل. وجاهدوا في سبيل الله لإعلاء دينه، وإنما كرر الموصول، مع أن المراد بهما واحد لتفخيم شأن الهجرة والجهاد، فكأنهما وإن كانا مشروطين بالإيمان في الواقع مستقلان في تحقق الرجاء، وقدم الهجرة على الجهاد لتقدمها عليه في الوقوع تقدم الإيمان عليهما.

                                                                                                                                                                                                                                      أولئك المنعوتون بالنعوت الجليلة يرجون رحمت الله أي: يؤملون تعلق رحمته - سبحانه - بهم أو ثوابه على أعمالهم، ومنها تلك الغزاة في الشهر الحرام، واقتصر البعض عليها بناء على ما رواه الزهري: "أنه لما فرج الله - تعالى - عن أهل تلك السرية ما كانوا فيه من غم، طمعوا فيما عند الله - تعالى - من ثوابه، فقالوا: يا نبي الله، أنطمع أن تكون غزوة نعطى فيها أجر المهاجرين في سبيل الله تعالى، فأنزل الله - تعالى - هذه الآية"، ولا يخفى أن العموم أعم نفعا، وأثبت لهم الرجاء دون الفوز بالمرجو؛ للإشارة إلى أن العمل غير موجب؛ إذ لا استحقاق به، ولا يدل دلالة قطعية على تحقق الثواب؛ إذ لا علاقة عقلية بينهما، وإنما هو تفضل منه – تعالى - سيما والعبرة بالخواتيم، فلعله يحدث بعد ذلك ما يوجب الحبوط، ولقد وقع ذلك والعياذ بالله تعالى كثيرا، فلا ينبغي الاتكال على العمل.

                                                                                                                                                                                                                                      والله غفور رحيم 228 تذييل لما تقدم وتأكيد له، ولم يذكر المغفرة فيما تقدم؛ لأن رجاء الرحمة يدل عليها، وقدم وصف المغفرة لأن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية