الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( باب زكاة المعدن ) هو بفتح فسكون فكسر مكان الجواهر المخلوقة فيه ويطلق عليه نفسها كنقد وحديد ونحاس وهو المراد في الترجمة من عدن كضرب أقام ومنه جنات عدن ( والركاز ) هو ما دفن بالأرض من ركز غرز أو خفي ومنه أو تسمع لهم ركزا أي صوتا خفيا ( والتجارة ) وهي تقليب المال بالتصرف فيه لطلب النماء ( من استخرج ) وهو من أهل الزكاة ( ذهبا أو فضة من معدن ) من أرض مباحة أو مملوكة له كذا اقتصروا عليه وقضيته أنه لو كان من أرض موقوفة عليه أو على جهة عامة أو من أرض نحو مسجد ورباط لا تجب زكاته ولا يملكه الموقوف عليه ولا نحو المسجد والذي يظهر في ذلك أنه إن أمكن حدوثه في الأرض وقال أهل الخبرة إنه حدث بعد الوقفية أو المسجدية ملكه الموقوف عليه كربع الوقف ونحو المسجد ولزم مالكه المعين زكاته أو قبلها فلا زكاة فيه ؛ لأنه من عين الوقف وإن ترددوا فكذلك .

                                                                                                                              ويؤيد ما تقرر من أنه قد يحدث قولهم إنما لم يجب إخراج الزكاة للمدة [ ص: 283 ] الماضية وإن وجده في ملكه ؛ لأنه لم يتحقق كونه ملكه من حين ملك الأرض لاحتمال كون الموجود مما يخلق شيئا فشيئا والأصل عدم وجوب الزكاة وحديث { إن الذهب والفضة مخلوقان في الأرض يوم خلق الله السموات والأرض } ضعيف على أن المراد جنسهما لا بالنسبة لمحل بعينه ( لزمه ربع عشره ) للخبر الصحيح به وخرج بذهبا وفضة غيرهما فلا زكاة فيه ( وفي قول الخمس ) قياسا على الركاز الآتي بجامع الإخفاء في الأرض ( وفي قول إن حصل بتعب ) أي كطحن ومعالجة بنار ( فربع العشر وإلا فخمسه ) ويجاب بأن من شأن المعدن التعب والركاز عدمه فأنطنا كلا بمظنته ( ويشترط النصاب ) استخرجه واحد أو جمع لعموم الأدلة السابقة ولأن ما دونه لا يحتمل المواساة بخلافه ( لا الحول ) ؛ لأنه إنما اعتبر لأجل تكامل النماء والمستخرج من المعدن نماء كله فأشبه الثمر والزرع ( على المذهب وفيهما ) وخبر الحول السابق مخصوص بغير المعدن ؛ لأنه يستنبط من النص معنى يخصصه [ ص: 284 ] ووقت وجوبه حصول النيل بيده ووقت الإخراج بعد التخليص والتنقية فلو تلف بعضه قبل التمكن من الإخراج سقط قسطه ووجب قسط ما بقي ومؤنة ذلك على المالك كما مر نظيره ثم فلا يجزئ إخراجه قبلها ويضمنه قابضه ويصدق في قدره وقيمته إن تلف ؛ لأنه غارم ولو ميزه الآخذ فكان قدر الواجب أجزأه أي إن نوى به الزكاة حينئذ وكذا عند الإخراج فقط فيما يظهر لوجود قدر الزكاة فيه وإنما فسد القبض لاختلاطه بغيره وبه فارق ما لو قبض سخلة فكبرت في يده ويقوم تراب فضة بذهب وعكسه ( تنبيه )

                                                                                                                              ظاهر إطلاقهم هنا ضمان قابضه أنه يرجع عليه به وإن لم يشرط الاسترداد وعليه يفرق بينه وبين ما يأتي في التعجيل بأن المخرج ثم مجزئ في ذاته وتبين عدم الإجزاء لسبب خارج عنها غير مانع لصحة قبضه فاشترط في الرجوع به شرطه [ ص: 285 ] بخلافه هنا فإنه غير مجزئ في ذاته ففسد القبض من أصله فلم يحتج لشرط ( ويضم بعضه إلى بعض إن ) اتحد المعدن لا إن تعدد وإن تقارب وكذا الركاز و ( تتابع العمل ) كما يضم المتلاحق من الثمار ولا يشترط بقاء الأول بملكه وإن أتلف أولا فأولا ( ولا يشترط ) في الضم ( اتصال النيل على الجديد ) ؛ لأنه لا يحصل غالبا إلا متفرقا ( وإذا قطع العمل بعذر ) كإصلاح آلة وهرب أجير ومرض وسفر أي لغير نحو نزهة فيما يظهر أخذا مما يأتي في الاعتكاف ثم عاد إليه ( ضم ) وإن طال الزمن عرفا ؛ لأنه عاكف على العمل متى زال العذر ( وإلا ) يقطع بعذر ( فلا ) ضم وإن قصر الزمن عرفا ؛ لأنه إعراض ومعنى عدم الضم [ ص: 286 ] أنه لا ( يضم الأول إلى الثاني ) في إكمال النصاب بخلاف ما يملكه بغير ذلك فإنه يضم إليه نظير ما يأتي ( ويضم الثاني إلى الأول كما يضمه إلى ما ملكه ) من جنسه أو عرض تجارة تقوم بجنسه ولو ( بغير المعدن ) كإرث وإن غاب بشرط علمه ببقائه ( في إكمال النصاب فإن كمل به النصاب ) زكى الثاني فلو استخرج بالأول خمسين ثم استخرج تمام النصاب لم يضم الخمسين لما بعدها فلا زكاة فيها ويضم المائة والخمسين لما قبلها فيزكيها لعدم الحول ثم إذا أخرج حق المعدن من غيرهما ومضى حول من حين كمال المائتين لزمه زكاتهما ولو كان الأول نصابا ضم الثاني إليه قطعا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( باب زكاة المعدن والركاز والتجارة )

                                                                                                                              ( قوله ملكه الموقوف عليه إلخ ) لقائل أن يقول إنه نزل منزلة ثمرة الشجرة ( قوله ؛ لأنه من عين الوقف ) ظاهره شمول الوقف له وصحته بالنسبة إليه أيضا فلينظر ماذا يفعل به وهل له حكم الأرض حتى يمتنع التصرف فيه ولو لجهة الوقف ( قوله ؛ لأنه من عين الوقف ) قضيته شمول الوقف له وصحته بالنسبة إليه ولا يبعد أن يفعل به ما يفعل بالثمرة غير المؤبرة إذا دخلت في الوقف ويتجه أن يقال إن أمكن الانتفاع به مع بقاء عينه كجعله حليا مباحا ينتفع به بمباح لبس أو إعارة أو إجارة وجب وإلا فعل به ما يفعل بالثمرة ويحتمل أن له حكم الأرض فلا يفعل به إلا ما يفعل بالأرض .

                                                                                                                              ( قوله وإن ترددوا فكذلك ) المفهوم منه أن المعنى أنه لا زكاة فيه ؛ لأنه من عين [ ص: 283 ] الوقف وقد يتوقف في الحكم بوقفيته مع احتمال حدوثه ( قوله ؛ لأنه لم يتحقق كونه ملكه إلخ ) قضيته أنه لو تحقق ذلك كأن حفر في ملكه إلى أن وصل إليه وشاهده فلم يأخذه حتى مضت أحوال زكى لتلك الأحوال جميع ما علم أنه كان موجودا حينئذ وهو ظاهر كما لا يخفى ( قوله أي كطحن إلخ ) لم يجعل من التعب حفر الأرض وقطعه منها ( قوله استخرجه واحد أو جمع ) قال في الروض فرع إذا استخرج اثنان نصابا زكياه للخلطة ا هـ [ ص: 284 ]

                                                                                                                              ( قوله ووقت وجوبه حصول النيل بيده ) يتجه فيما لو ملك الأرض بإحياء مثلا وعلم أن فيها معدنا كان شاهده لانكشافه بنحو سيل وأنه يبلغ نصابا أن تجب الزكاة من حين الملك وأن يجزئ إخراج الخالص عنه قبل استخراجه فليتأمل ( قوله ووجب قسط ما بقي ) أي وإن نقص عن النصاب روض ( قوله فلا يجزئ إخراجه قبلها ) ظاهره وإن علم أن ما فيه من الخالص بقدر الواجب ورضي المستحق ويحتمل الإجزاء حينئذ كما مر نظيره في إخراج المغشوش بل لا يتجه فرق بينهما ( قوله فكان قدر الواجب ) عبارة شرح الروض عن المجموع فإن كان قدر الواجب أجزأه وإلا رد التفاوت أو أخذه ولا شيء للساعي بعمله ؛ لأنه متبرع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أجزأه إلخ ) فقوله السابق فلا يجزئ إخراجه إلخ أي ما دام كذلك لا مطلقا ( قوله فسد القبض ) يحتمل أن المراد الفساد ظاهرا وأنه بالتمييز يبين الاعتداد به وإلا فالإجزاء مع الفساد مطلقا مشكل وما وقع فاسدا لا ينقلب صحيحا ( قوله ويقوم تراب فضة إلخ ) أي فيما إذا تلف في يده قبل التمييز وغرمه قال في شرح الروض فإن اختلفا في قيمته صدق الساعي ؛ لأنه غارم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وعليه يفرق إلخ ) قد يفرق بأن الإخراج قبل الوجوب يناسب التبرع ( قوله فاشترط في الرجوع به شرطه ) قد يقال ما لا يجزئ في ذاته أقرب إلى التبرع مما يجزئ في ذاته فليحتج [ ص: 285 ] للشرط بالأولى .

                                                                                                                              ( قوله بخلافه هنا ) ينبغي أن يجري على ما لا يقال هنا فيما لو أخذ الرطب عن زكاة ما يتتمر ( قوله فإنه غير مجزئ في ذاته ففسد القبض إلخ ) صريح في أن مدار الفرق فساد القبض لعدم الإجزاء وحينئذ فقد ينقض هذا الفرق ما صرحوا به في باب زكاة النقد مما نصه واللفظ للروض وشرحه ولا يجزئ رديء ومكسور عن جيد وصحيح كما لو أخرج مريضة عن صحاح وله استردادهما كما يأتي في الفرع الآتي ثم قال وإذا أخرج رديئا عن جيد كأن أخرج خمسة معينة عن مائتين جيدة فله استرداده كما لو عجل الزكاة فتلف ماله قبل الحول هذا إن بين ذلك عند الدفع وإلا فلا يسترده ا هـ .

                                                                                                                              فقد صرحوا بعدم إجزاء الرديء عن الجيد ومن لازمه فساد القبض من أصله ومع ذلك شرطوا في الاسترداد البيان كما ترى فإن قلت هذا الكلام إنما أفاد اشتراط البيان وكلام الشارح في شرط الاسترداد وهو غير مجرد البيان قلت هما واحد في الحكم كما يعلم من مبحث التعجيل فسيأتي فيه أنه يكفي في الاسترداد مجرد قوله هذه زكاتي المعجلة وإن لم يشترط الاسترداد على أنه لا حاجة بنا إلى ذلك فإن كلامهم هذا مصرح بعدم الاسترداد عند عدم الشرط مع فساد القبض كما تقرر وفرق الشارح المذكور مصرح بالاسترداد عند عدم الشرط نظرا لفساد القبض فإن قلت مدار الفرق أنه مجزئ في ذاته مع فساد القبض قلت لا نسلم أنه غير مجزئ في ذاته وإلا لم يجزئ إذا ميزه فكان قدر الواجب .

                                                                                                                              ( قوله ففسد القبض إلخ ) قد يشكل فساد القبض من أصله مع ما تقدم من الإجزاء إذا ميزه الساعي فكان قدر الواجب ( قوله لا إن تعدد إلخ ) وظاهر أن ما أخرجه من أحد المعدنين يضم إلى ما أخرجه من الآخر قبله في إكمال النصاب كما يعلم مما يأتي آنفا ( قوله وكذا الركاز ) قال في شرح الروض نقله في الكفاية عن النص ( قوله ولا يشترط بقاء الأول بملكه ) كذا في الروضة عن التهذيب وعبارة الروض وإن أتلفه أولا فأولا ا هـ ولا يخفى إشكال ذلك ؛ لأن النصاب حينئذ لم يجتمع في ملكه وفي شرح الروض وشرط الضم اتحاد المعدن فلو [ ص: 286 ] تعدد لم يضم تقاربا أو تباعدا وكذا في الركاز نقله في الكفاية عن النص ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في المتن فلا يضم الأول إلى الثاني ) أي حتى يزكي الأول ( قوله بخلاف ما يملكه ) أي بأن كان في ملكه عند حصول الأول تمام النصاب ( قوله ولو بغير المعدن ) دخل ما لو ملكه من معدن آخر ولو دون نصاب ( قوله ومضى حول من حين كمال المائتين ) عبارة الروض وشرحه وينعقد الحول عليهما من حين النيل إن كان نقدا في شرح الروض وكذا لو كان الملك دون نصاب أيضا إلا أنهما جميعا نصاب فيزكي المعدن في الحال وينعقد الحول عليهما من حين النيل إن كان نقدا ا هـ وأخرج زكاة المعدن من غيرهما في المثال المذكور أي وهو ما لو ملك مائة درهم ونال من المعدن مائة ا هـ وقد يستند على انعقاد الحول من حين النيل في نحو هذا المثال وإن أخرج من غيرهما لنقص النصاب إلى حين الإخراج بملك المستحقين قدر الواجب منه فينبغي أن يأتي هنا ما قيل في نظائر ذلك إن تصور ثم رأيت الشارح في شرح العباب بعد أن قال وأخرج زكاة النيل من غيرهما في المثال المذكور أي وهو ما تقدم عن شرح الروض قال ما نصه ومر ويأتي في نظائره بسط فاعرفه ا هـ .

                                                                                                                              ولعله إشارة لما ذكرناه من الإشكال وما يمكن في جوابه مما قيل في نظائره فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( باب زكاة المعدن والركاز والتجارة )

                                                                                                                              قول المتن ( زكاة المعدن ) الأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى { أنفقوا من طيبات } أي زكوا من خيار { ما كسبتم } أي من المال { ومما أخرجنا لكم من الأرض } أي من الحبوب والثمار وخبر الحاكم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم { أخذ من المعادن القبلية الصدقة } وهي بفتح القاف والباء الموحدة ناحية من قرية بين مكة والمدينة يقال لها الفرع بضم الفاء وإسكان الراء مغني ونهاية ( قوله هو ) إلى المتن في المغني والنهاية ( قوله وهو ) أي الإطلاق الثاني ومن الإطلاق الأول قول المصنف من استخرج ذهبا أو فضة من معدن ( قوله ومنه جنات عدن ) أي إقامة مغني ( قوله وهو ) إلى قوله كذا في النهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله وهو من أهل الزكاة ) خرج به المكاتب فإنه يملك ما يأخذه من المعدن ولا زكاة عليه فيه وأما ما يأخذه العبد فلسيده فتلزمه زكاته مغني ونهاية ( قوله من أهل الزكاة ) أي ولو صبيا ع ش ( قوله وقضيته ) أي قضية اقتصارهم على ما ذكر ( قوله والذي يظهر ) إلى قوله وإن ترددوا في حاشية شيخنا بلا عزو وإلى قوله ويؤيد في البجيرمي عن الزيادي ( قوله ونحو المسجد ) أي وملكه المسجد ونحوه ويصرف في مصالحهما شيخنا ( قوله ؛ لأنه من عين الوقف ) [ ص: 283 ] يتأمل مع ما سيأتي في الركاز من جعله من زوائده بصري عبارة سم قوله ؛ لأنه من عين الوقف قضيته شمول الوقف له وصحته بالنسبة إليه فلينظر ماذا يفعل به وهل له حكم الأرض حتى يمتنع التصرف فيه ولو لجهة الوقف ولا يبعد أن يفعل به ما يفعل بالثمرة الغير المؤبرة إذا دخلت في الوقف .

                                                                                                                              ويتجه أن يقال إن أمكن الانتفاع به مع بقاء عينه كجعله حليا مباحا ينتفع به بمباح لبس أو إعارة أو إجارة وجب وإلا فعل به ما يفعل بالثمرة ويحتمل أن له حكم الأرض فلا يفعل به إلا ما يفعل بالأرض ا هـ وجرى شيخنا على هذا الاحتمال فقال وإن كان موجودا حال الوقفية فهو من أجزاء المسجد فلا يجوز التصرف فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولزم مالكه المعين إلخ ) أي بأن وقف على معين لا إن وقف على جهة عامة ونحو مسجد كردي ( قوله وإن ترددوا فكذلك ) المفهوم منه أن المعنى أنه لا زكاة فيه ؛ لأنه من عين الوقف وقد يتوقف في الحكم بوقفيته مع احتمال حدوثه سم عبارة البصري .

                                                                                                                              قوله وإن ترددوا فكذلك أما عدم وجوب الزكاة فواضح ؛ لأن الأصل براءة الذمة ومع احتمال تقدمه على الوقفية لا زكاة وأما جعله من عين الوقف كما يقتضيه صنيعه فمحل تأمل ؛ لأن الأصل في كل حادث أن يقدر بأقرب زمن ولهذا إذا شك في كون الركاز جاهليا أو إسلاميا كان له حكم الإسلامي لا يقال لو لوحظ ما ذكر فينبغي أن تجب الزكاة أيضا ؛ لأنا نقول عارضه بالنسبة إليها الأصل المتقدم وأما بالنسبة لثبوت الملك فلم يعارضه شيء فتعين العمل به لا يقال يلزمه تبعيض الأحكام في أمر واحد ؛ لأنا نقول لا مانع منه عند اختلاف المدارك بل هو متعين حينئذ وله نظائر شتى فليتأمل .

                                                                                                                              ثم رأيت الفاضل المحشي قال وقد يتوقف في الحكم بوقفيته إلخ ا هـ ( قوله ؛ لأنه لم يتحقق كونه ملكه إلخ ) قضيته أنه لو تحقق ذلك كأن حفر في ملكه إلى أن وصل إليه وشاهده فلم يأخذه حتى مضت أحوال زكى لتلك الأحوال جميع ما علم أنه كان موجودا حينئذ وهو ظاهر كما لا يخفى سم عبارة البصري مقتضى ما هنا أنه لو تحقق وجوده من حين ملكه زكى لسائر الأحوال ومقتضى ما يأتي أن الوجوب في المعدن بحصول النيل في يده أنه لا يزكى لعدم انعقاد سبب الوجود فليحرر ا هـ وقد يقال إن تحقق وجوده على الوجه المتقدم في كلام سم في قوة حصول النيل في يده بل من أفراده قول المتن ( لزمه ربع العشر ) أي سواء كان مديونا أو لا بناء على أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة ولو استخرجه مسلم من دار الحرب كان غنيمة مخمسة نهاية وأسنى .

                                                                                                                              قال ع ش قوله م ر بناء على أن الدين إلخ أي وهو الراجح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله للخبر إلخ ) ولا تجب عليه زكاته في المدة الماضية إذا وجده في ملكه ؛ لأنه لم يتحقق كونه ملكه من حين ملك الأرض لاحتمال كون الموجود مما يخلق شيئا فشيئا والأصل عدم وجوب الزكاة مغني ونهاية وتقدم في الشرح مثله وعن سم والبصري ما يتعلق به ( قوله غيرهما ) أي كياقوت وزبرجد ونحاس وحديد نهاية ومغني ( قوله أي كطحن إلخ ) أي وحفر نهاية ومغني قول المتن ( ويشترط النصاب ) أي ولو بضمه إلى ما في ملكه من غير المعدن من جنسه أو عرض تجارة يقوم به روض ويأتي في الشرح مثله .

                                                                                                                              ( قوله أو جمع ) عبارة الروض والنهاية والمغني ولو استخرج اثنان من معدن نصابا زكياه للخلطة ا هـ زاد العباب ويتجه اعتبار اتحاد ما يتوقف عليه الحصول ا هـ قال الشارح في شرحه أي نظير ما مر في الخلطة من اعتبار الاتحاد في تلك الأمور السابقة فيها حتى يصير المالان كالمال الواحد وقد ينازع فيه بأنهم كما لم يشترطوا هنا الحول ؛ لأنه نماء محض فلا يحتاج إلى الإرفاق كذلك لا يحتاج إلى الإرفاق أيضا باشتراط اتحاد ما ذكر وهذا أقرب للمعنى ولكلامهم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بغير المعدن ) الباء داخل على المقصور عليه فهو بمعنى على .

                                                                                                                              ( قوله معنى يخصصه ) أي كتكامل النماء هنا ( قوله ووقت وجوبه ) إلى قوله أي إن نوى في [ ص: 284 ] النهاية والمغني ( قوله ووقت وجوبه حصول النيل إلخ ) يتجه فيما لو ملك الأرض بإحياء وعلم أن فيه معدنا كأن شاهده لانكشافه بنحو سيل وأنه يبلغ نصابا أن يجب الزكاة من حين الملك وأن يجزئ إخراج الخالص عنه قبل استخراجه فليتأمل سم أي وقولهم ووقت وجوبه حصول النيل بيده جرى على الغالب من عدم تيقن وجوده في ملكه وبلوغه النصاب ( قوله ووقت الإخراج ) أي وقت وجوب إخراج زكاة المعدن نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله بعد التخليص والتنقية ) أي عقب التخلية والتنقية من التراب ونحوه كما أن وقت الوجوب في الزرع اشتداد الحب ووقت الإخراج التنقية ويجبر على التنقية كما في تنقية الحبوب مغني وشرح الروض وشرح العباب وظاهر ذلك وجوب التنقية وإن زادت مؤنتها على ما يحصل منها وتقدم في شرح ويجب ببدو صلاح الثمر واشتداد الحب ما يفيد خلافه فليراجع ( قوله ووجب قسط ما بقي ) أي وإن نقص عن النصاب كتلف بعض المال قبل التمكن مغني ونهاية وروض وعباب ( قوله كما مر نظيره إلخ ) أي كمؤنة الحصاد والدياس مغني وأسنى وإيعاب .

                                                                                                                              ( قوله ثم ) أي في تنقية الحبوب كردي ( قوله فلا يجزئ إخراجه قبلها ) ظاهره وإن علم أن ما فيه من الخالص بقدر الواجب ورضي به المستحق ويحتمل الإجزاء حينئذ كما مر نظيره في إخراج المغشوش بل لا يتجه فرق بينهما سم ( قوله ويضمنه إلخ ) عبارة النهاية والمغني وشرح العباب وشرح الروض فإن قبضه الساعي قبلها ضمن فيلزمه رده إن كان باقيا وبدله إن كان تالفا ويصدق بيمينه في قدره إن اختلفا فيه قبل التلف أو بعده إذ الأصل براءة الذمة فإن تلف في يده قبل التمييز له غرمه فإن كان تراب فضة قوم بذهب أو تراب ذهب قوم بفضة فإن اختلفا في قيمته صدق الساعي بيمينه ؛ لأنه غارم .

                                                                                                                              قال في المجموع فإن ميزه الساعي فإن كان قدر الواجب أجزأه وإلا رد التفاوت أو أخذه ولا شيء للساعي بعمله لتبرعه ا هـ قال ع ش قوله م ر ضمن أي من ماله لتقصيره في الجملة بقبضه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أجزأه ) أي فقوله السابق فلا يجزئ إخراجه إلخ أي ما دام كذلك لا مطلقا سم ( قوله حينئذ ) أي بعد التمييز ( قوله إن نوى ) أي المالك المخرج كردي ( قوله وإنما فسد القبض ) يحتمل أن المراد الفساد ظاهرا أو أنه بالتمييز يتبين الاعتداد به وإلا فالإجزاء مع الفساد مطلقا مشكل وما وقع فاسدا لا ينقلب صحيحا سم .

                                                                                                                              ( قوله ويقوم تراب فضة إلخ ) أي فيما إذا تلف في يد قبل التمييز والمراد بالتراب في الموضعين المعدن المخرج نهاية ومغني ( قوله وعليه يفرق بينه وبين ما يأتي إلخ ) يقدح في هذا الفرق ما تقدم من أن شرط الاسترداد في إخراج الرديء عن الجيد في النقود أن يبين أنه عن زكاة ذلك المال وقاسوه على مسألة التعجيل والحاصل أن الأوجه التقييد كما في مسألة إخراج الرديء عن الجيد والمغشوش عن الخالص ثم رأيت الفاضل المحشي أشار إلى ذلك بمزيد به بسط فعليك بمراجعته بصري ( قوله لسبب إلخ ) متعلق بعدم الإجزاء .

                                                                                                                              ( قوله غير مانع إلخ ) خبر قوله وتبين إلخ ( قوله فاشترط في الرجوع به شرطه ) قد يقال ما لا يجزئ في ذاته أقرب [ ص: 285 ] إلى التبرع مما يجزئ في ذاته فليحتج للشرط بالأولى سم ( قوله فإنه غير مجزئ إلخ ) لك أن تمنعه بأنه لو كان غير مجزئ في ذاته لما أجزأ إذا ميزه فكان قدر الواجب سم ( قوله ففسد القبض ) هذا صريح في أن مدار الفرق فساد القبض فقد ينقض هذا بأنهم قد صرحوا بعدم إجزاء الرديء عن الجيد ومن لازمه فساد القبض من أصله ومع ذلك شرطوا في الاسترداد البيان هـ سم بحذف قول المتن ( ويضم بعضه إلخ ) أي بعد نيله ( قوله إن اتحد ) إلى قوله بخلاف إلخ في النهاية إلا لفظة نحو في لغير نحو نزهة وكذا في المغني إلا قوله أي لغير إلى ثم عاد .

                                                                                                                              ( قوله إن اتحد المعدن لا إن تعدد إلخ ) عبارة المغني والنهاية إن اتحد المعدن أي المخرج وتتابع العمل كما يضم المتلاحق إلخ ويشترط اتحاد المكان المستخرج منه فلو تعدد لم يضم تقاربا أو تباعدا إذ الغالب في اختلاف المكان استئناف العمل وكذا في الركاز نقله في الكفاية عن النص ا هـ فأفاد أنه يشترط اتحاد المخرج أيضا بأن كان جنسا واحدا ويمكن أن المراد بالمعدن في كلام الشارح ما يشملهما وبالضمير المستتر في قوله لا إن تعدد إلخ المعنى الثاني فقط على طريق الاستخدام ( قوله وكذا الركاز ) الأولى تقديمه على قوله لا إن تعدد إلخ ليفيد الاشتراك في الشروط الآتية أيضا .

                                                                                                                              ( قوله وإن أتلف أولا فأولا ) أي كأن كان كلما أخرج شيئا باعه أو وهبه إلى إن أخرج نصابا فيجب زكاة الجميع ويتبين بطلان نحو البيع في قدر الزكاة ويلزمه الإخراج عنه وإن تلف وتعذر رده قياسا على ما ذكره ابن حجر في زكاة النابت ع ش ا هـ بجيرمي ( قوله أي لغير إلخ ) عبارته في الإيعاب أي لحاجة كما هو ظاهر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أي لغير نحو نزهة ) يقتضي أنه لو سافر لغرض لا يتعلق بالاستخراج أنه يكون عذرا وهو محل تأمل ؛ لأنه إعراض عن العمل فلو قيد السفر بما يتعلق بالاستخراج لكان متجها ثم رأيت الأذرعي قال وينبغي أن يفرق بين سفر وسفر والزركشي عن ابن عبد السلام إن المسألة مصورة بالسفر بغير اختياره بصري .

                                                                                                                              أقول : ما ذكره متجه معنى لكن قضية إطلاق شرحي المنهج والروض والمغني السفر وتقييد التحفة كالنهاية والإيعاب بما تقدم بحثا أن الإطلاق هو المنقول وأنهم لم يرتضوا بما نقله الزركشي عن ابن عبد السلام ( قوله وإلا يقطعه بعذر ) أي بأن قطعه بلا عذر نهاية ومغني ( قوله فلا ضم إلخ ) نعم يتسامح بما اعتيد للاستراحة فيه من مثل ذلك [ ص: 286 ] العمل وقد يطول وقد يقصر ولا يتسامح بأكثر منه كما قال المحب الطبري إنه الوجه وهو مقتضى التعليل نهاية ( قوله في إكمال النصاب ) أي حتى يزكي الأول سم .

                                                                                                                              ( قوله بخلاف ما يملكه ) أي بأن كان في ملكه عند حصول الأول تمام النصاب سم عبارة الروض مع شرحه فرع وإن استخرج دون النصاب من معدن أو ركاز وفي ملكه نصاب من جنسه أو من عرض تجارة يقوم به زكى المستخرج في الحال لضمه إلى ما في ملكه لا إن كان ملكه غائبا فلا يلزمه زكاته حتى يعلم سلامته فيتحقق اللزوم وكذا لو كان الملك دون نصاب أيضا إلا أنهما جميعا نصاب كأن ملك مائة درهم فنال من المعدن مائة فيزكي المعدن في الحال ا هـ .

                                                                                                                              وفي العباب مع شرحه ما يوافقه ( قوله فإنه إلخ ) أي الأول و ( قوله إليه ) أي ما يملكه .

                                                                                                                              ( قوله نظير ما يأتي ) أي آنفا في قول المصنف كما يضمه إلخ قول المتن ( ويضم الثاني إلى الأول ) أي إن كان باقيا نهاية ومغني وعباب قال ع ش أي فإن تلف قبل إخراج باقي النصاب فلا زكاة ولا يشكل هذا بما مر من قوله ولا يشترط بقاء الأول إلخ ؛ لأن ما مر حيث تتابع العمل وما هنا حيث قطعه بلا عذر ا هـ وفي البصري ما يوافقه ( قوله ولو بغير المعدن ) دخل ما لو ملكه من معدن آخر ولو دون نصاب سم ( قوله كإرث ) أي وهبة وغيرهما نهاية ( قوله بشرط علمه ببقائه ) أي بقاء ماله الغائب وقت الحصول عباب وروض ( قوله ثم استخرج تمام النصاب ) أي مائة وخمسين بالعمل الثاني وقد قطع بغير عذر إيعاب .

                                                                                                                              ( قوله فإن كمل ) إلى قوله ولو كان الأول في النهاية وإلى المتن في المغني ( قوله ثم إذا أخرج إلخ ) عبارة المغني وينعقد الحول على المائتين من حين تمامهما إذا أخرج إلخ ( قوله ومضى حول إلخ ) عبارة الروض وشرحه وينعقد الحول عليهما من حين النيل إن كان نقدا وأخرج زكاة المعدن من غيرهما ا هـ وقد يستشكل انعقاد الحول من حين النيل في نحو هذا المثال وإن أخرج من غيرهما لنقص النصاب إلى حين الإخراج بملك المستحقين قدر الواجب منه فينبغي أن يأتي هنا ما قيل في نظائر ذلك إن تصور ثم رأيت الشارح في شرح العباب بعد أن قال وأخرج زكاة النيل من غيرهما قال ما نصه ومر ويأتي في نظائره بسط فاعرفه ا هـ .

                                                                                                                              ولعله إشارة لما ذكرناه من الإشكال وما يمكن في جوابه مما قيل في نظائره فليتأمل سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية