الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثامنة عشرة : قوله تعالى : { فأتوهن } : معناه فجيئوهن ، أو يكون ذلك كناية عن الوطء ، كما كنى عنه بالملامسة في قول ابن عباس : " إن الله حيي كريم يعفو ويكني ، كنى باللمس عن الجماع " .

                                                                                                                                                                                                              وأما مورده فقد كان يتركب على قوله تعالى : { فاعتزلوا } لولا قوله : " من حيث أمركم الله " فإنه خصصه وهي :

                                                                                                                                                                                                              المسألة التاسعة عشرة : وفيها ستة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : من حيث نهوا عنهن .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : القبل ; قاله ابن عباس ومجاهد في أحد قوليه .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : من جميع بدنها ; قاله ابن عباس أيضا .

                                                                                                                                                                                                              [ ص: 236 ] الرابع : من قبل طهرهن ; قاله عكرمة وقتادة .

                                                                                                                                                                                                              الخامس : من قبل النكاح ; قاله ابن الحنفية .

                                                                                                                                                                                                              السادس : من حيث أحل الله تعالى لكم الإتيان ، لا صائمات ولا محرمات ولا معتكفات ; قاله الأصم .

                                                                                                                                                                                                              أما الأول : فهو قول مجمل ; لأن النهي عنه مختلف فيه ، فكيفما كان النهي جاءت الإباحة عليه ; فبقي تحقيق مورد النهي .

                                                                                                                                                                                                              وأما قوله : القبل ، فهو مذهب أصبغ وغيره ; ويشهد له قوله تعالى : { قل هو أذى } وقد تقدم بيانه .

                                                                                                                                                                                                              وأما الثالث : وهو جميع بدنها فالشاهد له قوله تعالى : { فاعتزلوا النساء } ; وقد تقدم .

                                                                                                                                                                                                              وأما الرابع : وهو قوله : من قبل طهرهن ; فيعني به إذا طهرن ; وهو قول من قال بالفرج ; لأن اشتراط الطهارة لا يكون إلا بالفرج على ما تقدم من صحيح الأقوال ، وإن شئت فركبه على الأقوال كلها يتركب ; فما صح فيها صح فيه .

                                                                                                                                                                                                              وأما الخامس : وهو النكاح ، فضعيف لما قدمناه من أن قوله تعالى : { النساء } إنما يريد به الأزواج اللواتي يختص التحريم فيهن بحالة الحيض .

                                                                                                                                                                                                              وأما السادس : فصحيح في الجملة ، لأن كل من ذكر نهى الله تعالى عن وطئه ، ولكن علم ذلك من غير هذه الآية بأدلتها ; وإنما اختصت الآية بحال الطهر ، كما اختص قوله تعالى : { ولا تباشروهن } يعني : في حالة الصوم والاعتكاف ، ولا يقال : إن هذا كله يخرج من هذه الآية ، وإنها مرادة به ، وإن كان محتملا له ; فليس كل محتمل في اللفظ مرادا به فيه ، وهذا من نفيس علم الأصول ، فافهمه .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية