[ ص: 332 ] سورة الغاشية [ فيها آية واحدة ] وهي قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=21nindex.php?page=treesubj&link=29059فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر } : فيها مسألتان :
المسألة الأولى المسيطر هو المسلط الذي يقهر ويغلب على ما يقول .
المسألة الثانية كان النبي صلى الله عليه وسلم في أول أمره معرفا برسالته ، مذكرا بنبوته ، يدعو الخلق إلى الله ، ويذكرهم عهده ، ويبشرهم وعده ، ويحذرهم وعيده ، ويعرفهم دينه ، حتى وضحت المحجة ، وقامت لله سبحانه الحجة ; فلما استمر الخلق على فساد رأيهم ، ولجوا في طغيانهم وغلوائهم ، أمره الله بالقتال ، وسوق الخلق إلى الإيمان قسرا ، ونسخ هذه الآية وأمثالها حسبما بيناه .
وروى
الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2081أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها . وحسابهم على الله ، ثم قرأ : { nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=21فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر } } : بمسلط على سرائرهم ، مفسرا معنى الآية ، وكاشفا خفي الخفاء عنها . المعنى إذا قال الناس : لا إله إلا الله فلست بمسلط على سرائرهم ، وإنما عليك بالظاهر ، وقد كان قبل ذلك لا يطالب لا بالظاهر ولا بالباطن ، فلما استولى الله بأمره وتكليفه القتال على الظاهر ، وكل سرائرهم إليه . وهذا الحديث [ صحيح السند ] ، صحيح المعنى . والله أعلم .
[ ص: 332 ] سُورَةُ الْغَاشِيَةِ [ فِيهَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ ] وَهِيَ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=21nindex.php?page=treesubj&link=29059فَذَكِّرْ إنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْت عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ } : فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْمُسَيْطِرُ هُوَ الْمُسَلَّطُ الَّذِي يَقْهَرُ وَيَغْلِبُ عَلَى مَا يَقُولُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ مُعَرِّفًا بِرِسَالَتِهِ ، مُذَكِّرًا بِنُبُوَّتِهِ ، يَدْعُو الْخَلْقَ إلَى اللَّهِ ، وَيُذَكِّرُهُمْ عَهْدَهُ ، وَيُبَشِّرُهُمْ وَعْدَهُ ، وَيُحَذِّرُهُمْ وَعِيدَهُ ، وَيُعَرِّفُهُمْ دِينَهُ ، حَتَّى وَضَحَتْ الْمَحَجَّةُ ، وَقَامَتْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ الْحُجَّةُ ; فَلَمَّا اسْتَمَرَّ الْخَلْقُ عَلَى فَسَادِ رَأْيِهِمْ ، وَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ وَغُلَوَائِهِمْ ، أَمَرَهُ اللَّهُ بِالْقِتَالِ ، وَسَوْقِ الْخَلْقِ إلَى الْإِيمَانِ قَسْرًا ، وَنَسَخَ هَذِهِ الْآيَةَ وَأَمْثَالَهَا حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ .
وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2081أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا . وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ، ثُمَّ قَرَأَ : { nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=21فَذَكِّرْ إنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ } } : بِمُسَلَّطٍ عَلَى سَرَائِرِهِمْ ، مُفَسِّرًا مَعْنَى الْآيَةِ ، وَكَاشِفًا خَفِيَّ الْخَفَاءِ عَنْهَا . الْمَعْنَى إذَا قَالَ النَّاسُ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَلَسْت بِمُسَلَّطٍ عَلَى سَرَائِرِهِمْ ، وَإِنَّمَا عَلَيْك بِالظَّاهِرِ ، وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُطَالَبُ لَا بِالظَّاهِرِ وَلَا بِالْبَاطِنِ ، فَلَمَّا اسْتَوْلَى اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَتَكْلِيفِهِ الْقِتَالَ عَلَى الظَّاهِرِ ، وَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إلَيْهِ . وَهَذَا الْحَدِيثُ [ صَحِيحُ السَّنَدِ ] ، صَحِيحُ الْمَعْنَى . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .