الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما بيان ما يكره من البياعات وما يتصل بها .

                                                                                                                                فأما البياعات المكروهة ( فمنها ) التفريق بين الرقيق في البيع ، والأصل فيه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا توله والدة عن ولدها } والتفرق بينهما توليه فكان منهيا .

                                                                                                                                وروي أن { النبي عليه الصلاة والسلام رأى امرأة والهة في السبي فسأل عن شأنها فقيل : قد بيع ولدها فأمر بالرد } وقال عليه الصلاة والسلام { : من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة } وهذا خرج مخرج الوعيد .

                                                                                                                                وروي أنه قال عليه الصلاة والسلام { : لا يجتمع عليهم السبي والتفريق حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية ونهى عن التفريق في حال الصغر } .

                                                                                                                                وروي أنه عليه الصلاة والسلام { وهب من سيدنا علي رضي الله عنه غلامين صغيرين فباع أحدهما فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فقال : بعت أحدهما فقال عليه الصلاة والسلام : بعهما أو رد } ، والأمر بالجمع بينهما في البيع أو رد البيع فيهما دليل على كراهة التفريق ; ولأن التفريق بين الصغير والكبير نوع إضرار بهما ; لأن الصغير ينتفع بشفعة الكبير ويسكن إليه والكبير يستأنس بالصغير ، وذا يفوت [ ص: 229 ] بالتفريق فيلحقهما الوحشة فكان التفريق إضرارا بهما بإلحاق الوحشة ، وكذا بين الصغيرين ; لأنهما يأتلفان ويسكن قلب أحدهما بصاحبه فكان التفريق بينهما إيحاشا بهما فكره ولأن الصبا من أسباب الرحمة قال عليه الصلاة والسلام { : من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا فليس منا } وفي التفريق ترك الرحمة فكان مكروها .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية