الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : لقد رضي الله عن المؤمنين الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه، عن سلمة بن الأكوع قال : بينا نحن قائلون إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه فذلك قول الله تعالى : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فبايع لعثمان إحدى يديه على الأخرى فقال الناس : هنيئا لابن عفان يطوف بالبيت ونحن ههنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري، وابن مردويه، عن طارق بن عبد الرحمن قال : انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون فقلت : ما هذا المسجد قالوا : هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان، فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته فقال [ ص: 480 ] سعيد : حدثني أبي أنه كان في من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها فقال سعيد : إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة، في المصنف عن نافع قال : بلغ عمر بن الخطاب أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها فأمر بها فقطعت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري، وابن مردويه، عن قتادة قال : قلت لسعيد بن المسيب : كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان قال : خمس عشرة مائة قلت : فإن جابر بن عبد الله قال : كانوا أربع عشرة مائة، قال : يرحمه الله وهم هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري ومسلم، وابن جرير، وابن مردويه، عن عبد الله بن أبي أوفى قال : كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم، وابن مردويه، والبيهقي في "الدلائل"، عن جابر بن عبد الله قال : كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتم خير أهل الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 481 ] وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ألفا وأربعمائة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري عن سلمة بن الأكوع قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قيل : على أي شيء كنتم تبايعون يومئذ قال : على الموت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن عروة قال : لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم الحديبية فزعت قريش لنزوله عليهم، فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم رجلا من أصحابه فدعا عمر بن الخطاب ليبعثه إليهم فقال : يا رسول الله إني لا آمن وليس بمكة أحد من بني كعب يغضب لي إن أوذيت فأرسل عثمان بن عفان فإن عشيرته بها وإنه مبلغ لك ما أردت، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان فأرسله إلى قريش وقال : أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عمارا وادعهم إلى الإسلام . وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيدخل عليهم ويبشرهم بالفتح، ويخبرهم أن الله وشيك أن يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالإيمان . فانطلق عثمان إلى قريش فأخبرهم فارتهنه المشركون ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيعة ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا إن روح القدس قد نزل على [ ص: 482 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالبيعة فاخرجوا على اسم الله فبايعوه فثار المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت الشجرة فبايعوه على ألا يفروا أبدا فرعبهم الله فأرسلوا من كانوا ارتهنوا من المسلمين ودعوا إلى الموادعة والصلح .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم، وابن جرير، وابن مردويه، عن جابر قال : كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة وقال : بايعناه على ألا نفر ولم نبايعه على الموت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ومسلم، وابن مردويه، عن معقل بن يسار قال : لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه ونحن أربع عشرة مائة ولم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على ألا نفر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في "الدلائل" عن الشعبي قال : لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة كان أول من انتهى إليه أبو سنان الأسدي فقال : ابسط يدك أبايعك فقال النبي صلى الله عليه وسلم : علام تبايعني قال : على ما في نفسك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن أنس قال : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان كان عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة فبايع الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله فضرب بإحدى [ ص: 483 ] يديه على الأخرى فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، وأبو داود والترمذي عن جابر ومسلم عنه، عن أم مبشر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم قال : إنما أنزلت السكينة على من علم منه الوفاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر ، والبيهقي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله : وأثابهم فتحا قريبا قال : خيبر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في مراسيله عن الزهري قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقسم لغائب في مغنم لم يشهده إلا يوم خيبر قسم لغيب أهل الحديبية من أجل أن الله كان أعطى أهل خيبر المسلمين من أهل الحديبية فقال : وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكانت لأهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 484 ] وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم قال : الوقار والصبر، وهم الذين بايعوا زمان الحديبية وكانت الشجرة فيما ذكر لنا سمرة بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه تحتها وكانوا يومئذ خمس عشرة مائة فبايعوه على ألا يفروا ولم يبايعوه على الموت وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة قال : هي مغانم خيبر وكانت عقارا ومالا فقسمها نبي الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية إلى المدينة حتى إذا كان بين المدينة ومكة نزلت عليه سورة الفتح فقال : إنا فتحنا لك فتحا مبينا إلى قوله : عزيزا ثم ذكر الله الأعراب ومخالفتهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال : سيقول لك المخلفون من الأعراب إلى قوله : خبيرا ثم قال للأعراب : بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى قوله : سعيرا ثم ذكر البيعة فقال : لقد رضي الله عن المؤمنين إلى قوله : وأثابهم فتحا قريبا لفتح الحديبية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله : لقد رضي الله عن المؤمنين الآية . قال : كان أهل البيعة تحت الشجرة ألفا وخمسمائة وخمسا وعشرين .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 485 ] وأخرج ابن مردويه، وابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال : لما نزلت لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة قلت : يا رسول الله أنا ممن بايعك تحت الشجرة قال : يا أبا أمامة أنت مني وأنا منك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر ، عن عكرمة وأثابهم فتحا قريبا قال : خيبر حيث رجعوا من صلح الحديبية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي وأثابهم فتحا قريبا قال : فتح خيبر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن مجاهد : وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها قال : المغانم الكثيرة التي وعدوا ما يأخذون حتى اليوم فعجل لكم هذه قال : عجلت لهم خيبر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه، عن ابن عباس وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه يعني الفتح .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس : وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه يعني خيبر وكف أيدي الناس عنكم يعني [ ص: 486 ] أهل مكة أن يستحلوا حرم الله أو يستحل بكم وأنتم حرم ولتكون آية للمؤمنين قال : سنة لمن بعدكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "الدلائل" عن مروان والمسور بن مخرمة قالا : انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه الله فيها خيبر وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه خيبر فقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة في ذي الحجة فأقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجيع واد بين غطفان وخيبر فتخوف أن تمدهم غطفان فبات به حتى أصبح فغدا عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة : فعجل لكم هذه قال : خيبر وكف أيدي الناس عنكم قال : عن بيضتهم وعن عيالهم بالمدينة حين ساروا عن المدينة إلى خيبر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر ، عن عطية فعجل لكم هذه قال : فتح خيبر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وكف أيدي الناس عنكم قال : الحليفان أسد وغطفان عليهم عيينة بن حصن معه مالك بن عوف [ ص: 487 ] النصري أبو النضر وأهل خيبر على بئر معونة فألقى الله في قلوبهم الرعب فانهزموا ولم يلقوا النبي صلى الله عليه وسلم، وفي قوله : ولو قاتلكم الذين كفروا هم أسد وغطفان لولوا الأدبار حتى ولن تجد لسنة الله تبديلا يقول : سنة الله في الذين خلوا من قبل أن لن يقاتل أحد نبيه إلا خذله الله فقتله أو رعبه فانهزم ولن يسمع به عدو إلا انهزموا واستسلموا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه، والبيهقي في "الدلائل" عن ابن عباس وأخرى لم تقدروا عليها قال : هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله قد أحاط الله بها أنها ستكون لكم بمنزلة قوله : أحاط الله بها علما أنها لكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة، عن أبي الأسود الدؤلي أن الزبير بن العوام لما قدم البصرة دخل بيت المال فإذا هو بصفراء وبيضاء فقال : يقول الله وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها فقال : هذا لنا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 488 ] وأخرج ابن عساكر عن علي، وابن عباس قالا في قوله تعالى : وعدكم الله مغانم كثيرة فتوح من لدن خيبر تأخذونها تلونها وتغنمون ما فيها فعجل لكم من ذلك خيبر وكف أيدي الناس قريشا عنكم بالصلح يوم الحديبية ولتكون آية للمؤمنين شاهدا على ما بعدها ودليلا على إنجازها وأخرى لم تقدروا عليها على علم وقتها أفيئها بينكم فارس والروم قد أحاط الله بها قضى الله بها أنها لكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر ، والبيهقي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وأخرى لم تقدروا عليها قال : فارس والروم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عطية وأخرى لم تقدروا عليها قال : فتح فارس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن جويبر وأخرى لم تقدروا عليها قال : يزعمون أنها قرى عربية ويزعم آخرون أنها فارس والروم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 489 ] وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة : وأخرى لم تقدروا عليها قال : بلغنا أنها مكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وأخرى لم تقدروا عليها قال : يوم حنين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه، عن ابن عباس وأخرى لم تقدروا عليها قال : هي خيبر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة : ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار يعني أهل مكة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية