الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسئولا .

قوله تعالى : أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون إن قيل : كيف قال : ( أذلك خير ) ولا خير في النار ; فالجواب أن سيبويه حكى عن العرب : الشقاء أحب إليك أم السعادة ، وقد علم أن السعادة أحب إليه . وقيل : ليس هو من باب أفعل منك ، وإنما هو كقولك : عنده خير . قال النحاس : وهذا قول حسن ; كما قال حسان بن ثابت :


فشركما لخيركما الفداء



قيل : إنما قال ذلك لأن الجنة والنار قد دخلتا في باب المنازل ; فقال ذلك لتفاوت ما بين المنزلتين . وقيل : هو مردود على قوله : تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك الآية . [ ص: 11 ] وقيل : هو مردود على قوله : أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها . وقيل : إنما قال ذلك على معنى علمكم واعتقادكم أيها الكفار ; وذلك أنهم لما كانوا يعملون عمل أهل النار صاروا كأنهم يقولون : إن في النار خيرا .

قوله تعالى : لهم فيها ما يشاءون أي من النعيم . خالدين كان على ربك وعدا مسئولا قال الكلبي : وعد الله المؤمنين الجنة جزاء على أعمالهم ، فسألوه ذلك الوعد فقالوا : ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك . وهو معنى قول ابن عباس . وقيل : إن الملائكة تسأل لهم الجنة ; دليله قوله تعالى : ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم الآية . وهذا قول محمد بن كعب القرظي . وقيل : معنى وعدا مسئولا أي واجبا وإن لم يكن يسأل كالدين ; حكي عن العرب : لأعطينك ألفا . وقيل : وعدا مسئولا يعني أنه واجب لك فتسأله . وقال زيد بن أسلم : سألوا الله الجنة في الدنيا ورغبوا إليه بالدعاء ، فأجابهم في الآخرة إلى ما سألوا وأعطاهم ما طلبوا . وهذا يرجع إلى القول الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية