الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة

قال الله تبارك وتعالى { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع } ( قال الشافعي ) أخبرنا مالك عن ابن شهاب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم وعنده عشر نسوة أمسك أربعا وفارق سائرهن } أخبرني الثقة ابن علية أو غيره عن معمر عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه { أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أمسك أربعا وفارق أو دع سائرهن } أخبرني من سمع محمد بن عبد الرحمن يخبر عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف عن نوفل بن معاوية ( قال الشافعي ) فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن انتهاء الله عز وجل في العدد بالنكاح إلى أربع تحريم أن يجمع رجل بنكاح بين أكثر من أربع ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الخيار فيما زاد على أربع إلى الزوج فيختار إن شاء الأقدم نكاحا أو الأحدث وأي الأختين شاء كان العقد واحدا أو في عقود متفرقة لأنه عفا لهم عن سالف العقد ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل غيلان عن أيهن نكح أولا ثم جعل له حين أسلم وأسلمن أن يمسك أربعا ولم يقل الأوائل أو لا ترى أن نوفل بن معاوية يخبر أنه طلق أقدمهن صحبة ويروى { عن الديلمي أو ابن الديلمي أنه أسلم وعنده أختان فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسك أيتهما شاء ويطلق الأخرى } فدل ما وصفت على أنه يجوز كل عقد نكاح في الجاهلية كان عندهم نكاحا إذا كان يجوز مبتدؤه في الإسلام بحال وأن في العقد شيئين أحدهما العقد الفائت في الجاهلية والآخر المرأة التي تبقى بالعقد فالفائت لا يرد إذا كان الباقي بالفائت يصلح بحال وكان ذلك كحكم الله تعالى في الربا قال الله تعالى { اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } ولم يجز أن يقال إذا أسلم وعنده أكثر من أربع نسوة أمسك الأوائل لأن عقدهن صحيح وذلك أنه ليس من عقد الجاهلية صحيح لمسلم لأنه بشهادة أهل الشرك ولكنه كما وصفت معفو لهم عنه كما عفي عما مضى من الربا فسواء ما كان عندهم لا يختلف فكان في أمر الله عز وجل برد ما بقي من الربا دليل على أن ما قبض منه في الجاهلية لا يرد لأنه تم في الجاهلية وأن ما عقد ولم يتم بالقبض حتى جاء الإسلام يرد فكذلك حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمام العقد عندهم وإن كان لا يصلح أن يعقد مثله في الإسلام بحال فإذا

[ ص: 54 ] كان يصلح أن يعقد نكاح المنكوحة في الإسلام بحال تمت وأمر أن يمسك بالعقد في الجاهلية وإذا كان لا يصلح أن يبتدأ في الإسلام بحال كان الاستمتاع بها لأنها عين قائمة لا يجوز كما لا يجوز أخذ الربا في الإسلام لأنه عين قائمة لم تفت .

التالي السابق


الخدمات العلمية