الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 595 ] مسك الأمير علي المارداني نائب الشام

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأصل ذلك أنه في صبيحة يوم الأربعاء الثاني والعشرين من رجب ، ركب الجيش إلى تحت القلعة ملبسين ، وضربت البشائر في القلعة في ناحية الطارمة ، وجاء الأمراء بالطبلخاناه من كل جانب ، والقائم بأعباء الأمر الأمير سيف الدين بيدمر الحاجب ، ونائب السلطنة داخل دار السعادة ، والرسل مرددة بينه وبين الجيش ، ثم خرج ، فحمل على سروج يسيرة محتاطا عليه إلى ناحية الديار المصرية ، واستوحش من أهل الشام عند باب النصر ، فتباكى الناس رحمة له ، وأسفة عليه; لديانته ، وقلة أذيته ، وأذية الرعية ، وإحسانه إلى العلماء ، والفقراء ، والقضاة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم في صبيحة يوم الخميس الثالث والعشرين منه احتيط على الأمراء الثلاثة; وهم الأمير سيف الدين طيبغا حاجي أحد مقدمي الألوف ، والأمير سيف الدين قطليجا الدوادار أحد المقدمين أيضا ، والأمير علاء الدين أيدغمش المارداني أحد أمراء الطبلخاناه ، وكان هؤلاء ممن حضر نائب السلطنة المذكور ، وهم جلساؤه وسماره ، والذين بسفارته أعطوا الأخباز ، والطبلخاناه ، والتقادم ، فرفعوا إلى القلعة المنصورة معتقلين بها مع من بها من الأمراء ، ثم ورد الخبر بأن الأمير عليا رد من الطريق بعد مجاوزته غزة ، وأرسل إليه بتقليد نيابة صفد المحروسة ، فتماثل الحال ، وفرح بذلك أصحابه وأحبابه ، وقدم متسلم نائب دمشق [ ص: 596 ] الذي خلع عليه بنيابتها بالديار المصرية في يوم الخميس سادس عشر شهر رجب بعد أن استعفى من ذلك مرارا ، وباس الأرض مرارا ، فلم يعفه السلطان; وهو الأمير سيف الدين أسندمر أخو يلبغا اليحياوي ، الذي كان نائب الشام ، وبنته اليوم زوجة السلطان ، قدم متسلمه إلى دمشق يوم الخميس سلخ الشهر ، فنزل في دار السعادة ، وراح القضاة والأعيان للسلام عليه ، والتودد إليه ، وحملت إليه الضيافات ، والتقادم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية