الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون ؛ أي: فيخافون أن يعجل لهم في الدنيا؛ مثل الذي عجل لغيرهم ممن أهلك؛ وأنهم مع ذلك لا يعودون إلى الدنيا أبدا؛ وموضع " كم " ؛ نصب بـ " أهلكنا " ؛ لأن " كم " ؛ لا يعمل فيها ما قبلها؛ خبرا كانت أو استفهاما؛ تقول في الخبر: " كم سرت " ؛ تريد: " سرت فراسخ كثيرة " ؛ ولا يجوز " سرت كم فرسخا " ؛ وذلك أن " كم " ؛ في بابها بمنزلة " رب " ؛ وأن أصلها الاستفهام والإبهام؛ فكما أنك إذا استفهمت فقلت للمخاطب: " كم فرسخا سرت؟ " ؛ لم يجز " سرت كم فرسخا " ؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله؛ فكذلك إذا جعلت " كم " ؛ خبرا؛ فالإبهام قائم فيها؛ و " أنهم " ؛ بدل من معنى ألم يروا كم أهلكنا ؛ والمعنى: " ألم يروا أن القرون التي أهلكنا أنهم لا يرجعون " ؛ ويجوز: " إنهم لا يرجعون " ؛ بكسر " إن " ؛ ومعنى ذلك الاستئناف؛ المعنى: " هم إليهم لا يرجعون " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية