الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الثالثة قوله تعالى : { فإذا فرغت فانصب } : فيها مسألتان :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى اتفق الموحدون والمفسرون على أن معناه : إذا فرغت من الصلاة فانصب للأخرى بلا فتور ولا كسل ، وقد اختلفوا في تعيينهما على أربعة أقوال : الأول إذا فرغت من الفرائض فتأهب لقيام الليل .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : إذا فرغت من الصلاة فانصب للدعاء .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : إذا فرغت من الجهاد فاعبد ربك .

                                                                                                                                                                                                              الرابع إذا فرغت من أمر دنياك فانصب لأمر آخرتك .

                                                                                                                                                                                                              ومن المبتدعة من قرأ هذه الآية فأنصب بكسر الصاد والهمز في أوله ، وقالوا : معناه أنصب الإمام الذي يستخلف ; وهذا باطل في القراءة ، باطل في المعنى ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا . وقرأها بعض الجهال فانصب بتشديد الباء معناه إذا فرغت من الغزو فجد إلى بلدك .

                                                                                                                                                                                                              وهذا باطل أيضا قراءة لمخالفة الإجماع ، لكن معناه [ ص: 358 ] صحيح ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { السفر قطعة من العذاب ، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه ، فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل الرجوع إلى أهله } .

                                                                                                                                                                                                              وأشد الناس عذابا وأسوأهم مآبا ومباء من أخذ معنى صحيحا ، فركب عليه من قبل نفسه قراءة أو حديثا ، فيكون كاذبا على الله ، كاذبا على رسوله ، ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا . أما أنه قد روي وهي :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية عن شريح أنه مر بقوم يلعبون يوم عيد ، فقال : ما بهذا أمر الشارع .

                                                                                                                                                                                                              وفيه نظر ; فإن { الحبش كانوا يلعبون بالدرق والحراب في المسجد يوم العيد ، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر } .

                                                                                                                                                                                                              { ودخل أبو بكر بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة وعندها جاريتان من جواري الأنصار تغنيان ، فقال أبو بكر : أمزمارة الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : دعهما يا أبا بكر ، فإنه يوم عيد } .

                                                                                                                                                                                                              وليس يلزم الدءوب على العمل ، بل هو مكروه للخلق ، حسبما تقدم بيانه في غير موضع .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية