الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمر بإلزام القلندرية بترك حلق لحاهم وحواجبهم وشواربهم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وذلك محرم بالإجماع حسب ما حكاه ابن حزم ، وإنما ذكره بعض الفقهاء بالكراهية . ورد كتاب من السلطان - أيده الله - إلى دمشق في يوم الثلاثاء خامس عشر ذي الحجة بإلزامهم بزي المسلمين ، وترك زي الأعاجم والمجوس ، فلا يمكن أحد منهم من الدخول إلى بلاد السلطان حتى يترك هذا الزي المبتدع ، واللباس المستشنع ، ومن لا يلتزم بذلك يعزر شرعا ، ويقلع من قراره قلعا . وكان اللائق أن يؤمروا بترك أكل الحشيشة الخسيسة ، وإقامة الحد عليهم بأكلها ، وسكرها ، كما أفتى بذلك بعض الفقهاء ، والمقصود : أنهم نودي عليهم بذلك في جميع أرجاء البلد ونواحيه في صبيحة يوم الأربعاء ، ولله الحمد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وبلغنا في هذا الشهر وفاة الشيخ الصالح أحمد بن موسى الزرعي بمدينة [ ص: 616 ] خيران يوم الثلاثاء خامس ذي الحجة ، وكان من المبتلين بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والقيام في مصالح الناس عند السلطان والدولة ، وله وجاهة عند الخاص والعام رحمه الله ، والأمير سيف الدين كجكن بن الأقوش الذي كان حاجبا بدمشق وأميرا ، ثم عزل عن ذلك كله ، ونفاه السلطان إلى طرابلس ، فمات هناك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقدم نائب السلطنة الأمير سيف الدين بيدمر عائدا من الديار المصرية ، وقد لقي من السلطان إكراما ، وإحسانا زائدا فاجتاز في طريقه بالقدس الشريف ، فأقام به يوم عرفة والنحر ، ثم سلك على طريق غابة أرصوف يصطاد بها ، فأصابه وعك منعه عن ذلك ، فأسرع السير ، فدخل دمشق من صبيحة يوم الاثنين الحادي والعشرين منه في أبهة هائلة ، ورياسة طائلة ، وتزايد خروج العامة للتفرج عليه ، والنظر إليه في مجيئه هذا ، فدخل وعليه قباء معظم ، ومطرز ، وبين يديه ما جرت به العادة من الحوفية ، والشاليشية ، وغيرهم ، ومن نيته الإحسان إلى الرعية ، والنظر في أحوال الأوقاف وإصلاحها على طريقة الأمير سيف الدين تنكز ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية