الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا .

قوله تعالى : وهو الذي مرج البحرين عاد الكلام إلى ذكر النعم . و مرج خلى وخلط وأرسل . قال مجاهد : أرسلهما وأفاض أحدهما في الآخر . قال ابن عرفة : مرج البحرين [ ص: 57 ] أي خلطهما فهما يلتقيان ; يقال : مرجته إذا خلطته . ومرج الدين والأمر اختلط واضطرب ; ومنه قوله تعالى : في أمر مريج . ومنه قوله عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمرو بن العاص : إذا رأيت الناس مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا وهكذا - وشبك بين أصابعه - فقلت له : كيف أصنع عند ذلك ، جعلني الله فداك ! قال : الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ بما تعرف ودع ما تنكر وعليك بخاصة أمر نفسك ودع عنك أمر العامة خرجه النسائي وأبو داود وغيرهما . وقال الأزهري : مرج البحرين خلى بينهما ; يقال مرجت الدابة إذا خليتها ترعى .

وقال ثعلب : المرج الإجراء ; فقوله : مرج البحرين أي أجراهما . وقال الأخفش : يقول قوم : أمرج البحرين ، مثل مرج فعل وأفعل بمعنى . هذا عذب فرات أي حلو شديد العذوبة . وهذا ملح أجاج أي فيه ملوحة ومرارة . وروي عن طلحة أنه قرئ : وهذا ملح بفتح الميم وكسر اللام . وجعل بينهما برزخا أي حاجزا من قدرته لا يغلب أحدهما على صاحبه ، كما قال في سورة الرحمن مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان . وحجرا محجورا أي سترا مستورا يمنع أحدهما من الاختلاط بالآخر . فالبرزخ الحاجز ، والحجر المانع . وقال الحسن : يعني بحر فارس وبحر الروم . وقال ابن عباس وابن جبير : يعني بحر السماء وبحر الأرض . قال ابن عباس : يلتقيان في كل عام وبينهما برزخ : قضاء من قضائه . وحجرا محجورا حراما محرما أن يعذب هذا الملح بالعذب ، أو يملح هذا العذب بالملح .

التالي السابق


الخدمات العلمية