الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون ظاهر ترتيب الأخبار أنها على وفق ترتيب مضامينها في الحصول ، وهذا يرجح أن يكون حصول مضمون وأصبح فؤاد أم موسى فارغا سابقا على حصول مضمون وقالت لأخته قصيه ، أي قالت لأخته ذلك بعد أن اطمأن قلبها لما ألهمته من إلقائه في اليم ، أي لما ألقته في اليم قالت لأخته : انظري أين يلقيه اليم ، ومتى يستخرج منه ؟ وقد علمت أن اليم لا يلقيه بعيدا عنها ؛ لأن ذلك مقتضى وعد الله برده إليها .

[ ص: 83 ] وأخت موسى اسمها مريم ، وقد مضى ذكر القصة في سورة طه .

والقص : اتباع الأثر ، استعمل في تتبع الذات بالنظر فلذلك عدي إلى ضمير موسى دون ذكر الأثر . وقد تقدم في سورة الكهف عند قوله فارتدا على آثارهما قصصا .

وبصر بالشيء صار ذا بصر به . أي باصرا له فهو يفيد قوة الإبصار ، أي قوة استعمال حاسة البصر وهو التحديق إلى المبصر ، فـ " بصر " أشد من ( أبصر ) . فالباء الداخلة على مفعوله باء السببية للدلالة على شدة العناية برؤية المرئي حتى كأنه صار باصرا بسببه . ولك أن تجعل الباء زائدة لتأكيد الفعل فتفيد زيادة مبالغة في معنى الفعل . وتقدم في قوله تعالى : قال بصرت بما لم يبصروا به في سورة طه .

والجنب : بضمتين البعيد . وهو صفة لموصوف يعرف من المقام ، أي عن مكان جنب .

و " عن " للمجاوزة ، والمجرور في موضع حال من ضمير " بصرت " ؛ لأن المجاوزة هنا من أحوال أخته لا من صفات المكان .

و " هم " أي آل فرعون حين التقطوه لا يشعرون بأن أخته تراقب أحواله وذلك من حذق أخته في كيفية مراقبته .

التالي السابق


الخدمات العلمية